آخر الأخبار

الخميس، 11 فبراير 2016

الحضارة الإسلامية القديمة .


الحضارة الإسلامية القديمة والتي اطلق عليها إسم العصر الذهبي الإسلامي وذلك لوصف مرحلة تاريخية كانت الحضارة الإسلامية فيها متقدمة، وتمتد من منتصف القرن الثامن لغاية القرن الرابع عشر والخامس عشر الميلادي. خلال هذه الفترة، قام مهندسو وعلماء وتجار العالم الإسلامي بالمساهمة بشكل كبير في حقول الفن والزراعة والاقتصاد والصناعة والأدب والملاحة والفلسفة والعلوم والتكنولوجيا والفلك، من خلال المحافظة والبناء على المساهمات السابقة وبإضافة العديد من اختراعاتهم وابتكاراتهم.
خلق الفلاسفة والشعراء والفنانون والعلماء والأمراء المسلمون ثقافة فريدة من نوعها أثرت بدورها على المجتمعات في جميع القارات
فكانت بداية الدولة العربية الإسلامية على يدي النبي محمد بن عبد الله بوضع وثيقة المدينة والتي ألغت كثيراً من العادات القبلية لصالح دولة حضارية، وتوسعت بعد ذلك في فترة الدولة الأموية والعباسية حتى بلغت في العصر الأموي الدولة الأموية أكبر دولة في التاريخ الإسلامي من حدود الصين وبورما شرقآ وأراكان المسلمة والهند وباكستان الشرقية (منطقة صاتغاونغ) شرقاً وحتى حدود فرنسا وإسبانيا الأندلس غرباً وفي عصر الدولة العثمانية توسعت الأراضي إلى أوروبا واليونان وبعد سقوط الدولة العثمانية بدأ التوسع الأوربي في البلاد الإسلامية.
                                     "قصة الحضارة الإسلامية"
 فقد إهتمت الدولة الإسلامية التي انشأها رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله واستمرت تحت مسمى الخلافة في الفترات الأموية والعباسية بالعلوم والمدنية كما اهتمت بالنواحي الدينية فكانت الحضارة الإسلامية حضارة تمزج بين العقل والروح فامتازت عن كثير من الحضارات السابقة. فالإسلام كدين عالمي يحض على طلب العلم ويعتبرهُ فريضة على كل مسلم ومسلمة، لتنهض أممه وشعوبه. فأي علم مقبول باستثناء العلم الذي يخالف قواعد الإسلام ونواهيه. والإسلام يكرم العلماء ويجعلهم ورثة الأنبياء. وتتميز الحضارة الإسلامية بالتوحيد والتنوع العرقي في الفنون والعلوم والعمارة طالما لاتخرج عن نطاق القواعد الإسلامية. لأن الحرية الفكرية كانت مقبولة تحت ظلال الإسلام. وكانت الفلسفة يخضعها الفلاسفة المسلمون للقواعد الأصولية مما أظهر علم الكلام الذي يعتبر علماً في الإ لهيات. فترجمت أعمالها في أوروبا وكان له تأثيره في ظهور الفلسفة الحديثة وتحرير العلم من الكهنوت الكنسي فيما بعد. مما حقق لأوربا ظهور عصر النهضة بها. لهذا لما دخل الإسلام هذه الشعوب لم يضعها في بيات حضاري ولكنه أخذ بها ووضعها على المضمار الحضاري لتركض فيه بلا جامح بها أو كابح لها. وكانت مشاعل هذه الحضارة الفتية تبدد ظلمات الجهل وتنير للبشرية طريقها من خلال التمدن الإسلامي. فبينما كانت الحضارة الإسلامية تموج بديار الإسلام من الأندلس غربا لتخوم الصين شرقا في عهد الدولة الأموية كانت أوروبا وبقية أنحاء المعمورة تعيش في جهل وظلام حضاري.
وامتدت هذه الحضارة القائمة بعدما أصبح لها مصارفها وروافدها لتشع على بلاد الغرب وطرقت أبوابه. فنهل منها معارفه وبهر بها لأصالتها المعرفية والعلمية. مما جعله يشعر بالدونية الحضارية. فثار على الكهنوت الديني ووصاية الكنيسة وهيمنتها على الفكر الإسلامي حتى لا يشيع. لكن رغم هذا التعتيم زهت الحضارة الإسلامية وشاعت. وانبهر فلاسفة وعلماء أوروبا من هذا الغيث الحضاري الذي فاض عليهم. فثاروا على الكنيسة وتمردوا عليها وقبضوا على العلوم الإسلامية كمن يقبض على الجمر خشية هيمنة الكنيسة التي عقدت لهم محاكم التفتيش والإحراق. ولكن الفكر الإسلامي تمكن منهم وأصبحت الكتب الإسلامية التراثية والتي خلفها عباقرة الحضارة الإسلامية فكراً شائعاً ومبهراً.

فتغيرت أفكار الغرب وغيرت الكنيسة من فكرها ومبادئها المسيحية لتسايرالتأثير الإسلامي على الفكر الأوربي وللتصدي للعلمانيين الذين تخلوا عن الفكر الكنسي وعارضوه وانتقدوه علانية. وظهرت المدارس الفلسفية الحديثة في عصر النهضة أو التنوير في أوروبا كصدى لأفكار الفلاسفة العرب. وظهرت مدن تاريخية في ظلال الحكم الإسلامي كالكوفة وحلب والبصرة وبغداد ودمشق والقاهرة والرقة والفسطاط والعسكر والقطائع والقيروان وفاس ومراكش والمهدية والجزائر وغيرها. كما خلفت الحضارة الإسلامية مدنا متحفية تعبر عن العمارة الإسلامية كإستانبول بمساجدها ودمشق والقاهرة بعمائرها الإسلامية وحلب وبخارى وسمرقند ودلهي وحيدر أباد وقندهار وبلخ وترمذ وغزنة وبوزجان وطليطلة وقرطبة وإشبيلية ومرسية وسراييفو وأصفهان وتبريز ونيقيا وغيرها من المدن الإسلامية..
فخلال قرنين من بعد وفاة نبي الإسلام علية أفضل السلام  كانت صناعة الكتب منتشرة في كل أنحاء العالم الإسلامي وكانت الحضارة الإسلامية تدور حول الكتب. فقد كانت توجد المكتبات الملكية والعامة والخاصة في كل مكان حيث كانت تجارة الكتب ومهنة النساخة رائجة وكان يقتنيها كل طبقات المجتمع الإسلامي الذين كانوا يقبلون عليها إقبالا منقطع النظير. وكان سبب هذا الرواج صناعة الورق بدمشق وسمرقند وبغداد. كانت المكتبات تتيح فرص الاستعارة الخارجية. وكانت منتشرة في كل الولايات والمدن الإسلامية بدمشق والقاهرة وحلب وإيران ووسط آسيا وبلاد الرافدين والأندلس وشمال أفريقيا.و شبكات المكتبات قد وصلت في كل مكان بالعالم الإسلامي.
وكان الكتاب الذي يصدر في دمشق أو بغداد تحمله القوافل التجارية فوق الجمال ليصل لقرطبة بأسبانيا في خلال شهر. وهذا الرواج قد حقق الوحدة الثقافية وانتشارللغة العربية. وكانت هي اللغة العلمية والثقاقية في شتي الديار الإسلامية. كما كان يعني بالنسخ والورق والتجليد. مما ماجعل صناعة الكتب صناعة مزدهرة في العالم الإسلامي لإقبال القراء والدارسين عليها واقتنائها. وكانت هذه الكتب تتناول شتي فروع المعرفة والخط وعلوم القرآن وتفاسيره واللغة العربية والشعر والرحلات والسير والتراث والمصاحف وغيرها من آلاف عناوين الكتب. وهذه النهضة الثقافية كانت كافية لازدهار الفكر العربي وتميزه وتطوره.وفي غرب أفريقيا في مملكتي مالي وتمبكتو أثناء ازدهارهما في عصريهما الذهبي، كانت الكتب العربية لها قيمتها. وكان من بينها الكتب النادرة التي كانت تنسخ بالعربية، وكانت المملكتان قد أقامتا المكتبات العامة مع المكتبات الخاصة.
يعتبر القرن التاسع الميلادي له أهميته في ثبت الحضارة الإسلامية المتنامية. لأن أعمال العلماء المسلمين كانت رائعة وكانوا رجال علم متميزين وكان المأمون الخليفة العباسي العالم المستنير (ت 833) يحثهم علي طلب العلم. وقد أنشأ لهم بيت الحكمة لتكون أكاديمية البحث العلمي ببغداد تحت رعايته الشخصية. وأقام به مرصدا ومكتبة ضخمة. كما أقام مرصدا ثانيا في سهل تدمر بالشام. وجمع المخطوطات من كل الدنيا لتترجم علومها. وكان يشجع الدارسين مهما تنوعت دراستهم. وحقق يهذا التوجه قفزة حضارية غير مسبوقة رغم وجود النهضة العلمية وقتها. وهذا ما لم يحدث بعد إنشاء جامعة ومكتبة الإسكندرية في القرن الثالث ق.م. وبأنشاء مرصد تدمر قام الفلكيون والعلماء بتحديد ميل خسوف القمر ووضعوا جداول لحركات الكواكب وتم تحديد حجم الأرض، وقاسوا محيطها، فوجدوه 20400 ميل ،وقطرها 6500 ميل. وهذا يدل علي أن العرب كانوا علي علم وقتها ،بأن الأرض كروية قبل كويرنيق بخمسة قرون. وفي عصر المأمون عمل الفلكيون في تدمر على وضع خريطة للأرض وأثبت علماء الفلك دورانها. وقياساتهم تقريبا لها تطابق ما قاسه علماء الفلك بالأقمار الصناعية، وأنهم كانوا يعتقدون خطأ أنها مركز الكون، يدورحولها القمر والشمس والكواكب. وهذا الاعتقاد توارد إليهم من فكر الإغريق. واكتشفوا الكثير من النجوم والمجرات السماوية وسموها بأسمائها العربية التي ما زالت تطلق عليها حتي الآن. وكانت كل الأبحاث في الفلك والرياضيات قد انفرد بها العلماء المسلمون وقد نقلوها عن الهنود الذين قد ترجموها عن الصينيين للعربية وقاموا بتطويرها بشكل ملحوظ.
نهضة علمية مع هذه النهضة العلمية ظهرت الجامعات الإسلامية لأول مرة بالعالم الإسلامي قبل أوروبا بقرنين.وكانت أول جامعة بيت الحكمة أنشئت في بغداد سنة 830 م، ثم تلاها جامعة القرويين عام 859 ميلادية في فاس ثم جامعة الأزهرعام 970ميلادية في القاهرة. وكانت أول جامعة في أوروبا أنشئت في "سالرنو" بصقلية عام 1090 ميلادية على عهد ملك صقلية روجر الثاني. وقد أخذ فكرتها عن العرب هناك. ثم تلاها جامعة بادوفا بإيطاليا سنة 1222 م. وكانت الكتب العربية تدرس بها وقتها. وكان للجامعات الإسلامية تقاليد متبعة وتنظيم.فكان للطلاب زي موحد خاص بهم وللأساتذة زي خاص. وربما اختلف الزي من بلد إلي بلد ومن عصر إلي عصر. وقد أخذ الأوربيون عن الزي الجامعي الإسلامي الروب الجامعي المعمول به الآن في جامعاتهم. وكان الخلفاء والوزراء إذا أرادوا زيارة الجامعة الإسلامية يخلعون زي الإمارة والوزراة ويلبسون زي الجامعة قبل دخولها.وكانت اعتمادات الجامعات من ايرادات الأوقاف. فكان يصرف للطالب المستجد زي جديد وجراية لطعامه. وأغلبهم كان يتلقى منحة مالية بشكل راتب وهو ما يسمى في عصرنا بالمنحة الدراسية. فكان التعليم للجميع بالمجان يستوي فيه العربي والأعجمي والأبيض والأسود.
وبالجامعات كان يوجد المدن الجامعية المجانية لسكني الغرباء وكان يطلق عليها الأروقة. والطلبة كان يطلق عليهم المجاورون لسكناهم بجوارها. وكان بالجامعة الواحدة أجناس عديدة من الأمم والشعوب الإسلامية يعيشون في إخاء ومساواة تحت مظلة الإسلام والعلم. فكان من بينهم المغاربة والشوام والأكراد والأتراك وأهل الصين وبخارى وسمرقند. وحتى من مجاهل أفريقيا وآسيا وأوروبا. وكان نظام التدريس في حلقات بعضها يعقد داخل الفصول. وأكثرها كان في الخلاء بالساحات أو بجوار النافورات بالمساجد الكبري. وكان لكل حلقة أستاذها يسجل طلابها والحضور والغياب.ولم يكن هناك سن للدارسين بهذه الجامعات المفتوحة. وكان بعض الخلفاء والحكام يحضرون هذه الحلقات.وكانوا يتنافسون في استجلاب العلماء المشهو رين من أنحاء العالم الإسلامي ،ويغرونهم بالرواتب والمناصب، ويقدمون لهم أقصى التسهيلات لأبحاثهم. وكان هذا يساعد على سرعة انتشار العلم وانتقال الحضارة الإسلامية بديار الإسلام. ويمكن القول أن ظهور الحضارة مفهوماً إسلامياً قد ترجم الرحمة التي بعث بها الأنبياء على أرض الواقع.
كانت الدولة الإسلامية تعني بالمرافق الخدماتية والعامة بشكل ملحوظ. فكانت تقيم المساجد ويلحق بها المكتبات العامة المزودة بأحدث الإصدارات في عصرها ودواوين الحكومة والحمامات العامة ومطاعم الفقراء وخانات المسافرين علي الطرق العامة ولاسيما طرق القوافل التجارية العالمية، وطرق الحج التراثية كما كان على طريق الحج من دمشق إلى الديار المقدسة وإنشاء المدن والخانقاهات والتكايا المجانية للصوفية واليتامي والأرامل والفقراء وأبناء السبيل. واقيمت الأسبلة لتقدم المياه للشرب بالشوارع. وكان إنشاء البيمارستنات (المستشفيات الإسلامية) سمة متبعة في كل مكان بالدولة الإسلامية يقدم بها الخدمة المجانية من العلاج والدواء والغذاء ومساعدة أسر المرضي الموعزين.وكلمة باريمستان بالفارسية هو مكان تجمع المرضي ،وكلمة مستشفي معناها بالعربية مكان طلب الشفاء.لهذا كان الهدف من إنشاء هذه المستشفيات غرضا طبيا وعلاجيا. عكس المستشفيات في أوروبا وقتها ،كانت عبارة عن غرف للضيافة ملحقة بالكنائس والأديرة لتقدم الطعام لعابري السبيل أو ملاجيء للعجزة والعميان والمقعدين ولم تكن للتطبيب. وكان يطلقون على هذه الغرف كلمة مضيفة، وهي مشتقة من كلمة ضيافة. وأول مستشفي بني بإنجلترا في القرنالرابع عشر ميلادي. بعد انحسار الحروب الصليبية علي المشرق العربي، بعدما أخذ الصليبيون نظام المستشفيات الإسلامية والطب العربي عن العرب.
وكان أول مستشفي في الإسلام بناه الوليد بن عبد الملك عام 706ميلادي (88 هجري) في دمشق. وكان الخلفاء المسلمون يتابعون إنشاء المستشفيات الإسلامية الخيرية باهتمام بالغ. ويختارون مواقعها المناسبة من حيث الموقع والبيئة الصالحة للاستشفاء والإتساع المكاني بعيدا عن المناطق السكنية. وأول مستشفى للجذام بناه المسلمون في التاريخ في عام 707 ميلادي بدمشق، في حين أن أوروبا كانت تنظر إلى الجذام على أنه غضب من الله يستحق الإنسان عليه العقاب حتى أصدر الملك فيليب أمره في عام 1313 ميلادية بحرق جميع المجذومين في النار. وكانت المستشفيات العامة بها أقسام طب المسنين، بها أجنحة لكبار السن وأمراض الشيخوخة. وكانت توجد المستشفيات الخاصة. والمستوصفات لكبار الأطباء بالمستشفيات العامة.
ومن المعروف أن الدولة الإسلامية في عصور ازدهارها كانت تعطي أهمية قصوى لمرافق الخدمات العامة مثل المساجد ودواوين الحكومة والحمامات والمطاعم الشعبية واستراحات المسافرين والحجاج. وبديهي أن تكون أهم هذه المرافق المستشفيات.. فقد كانت تتميز بالاتساع والفخامة والجمال مع البساطة. ومن بين هذه المستشفيات التراثية اليوم مستشفي السلطان قلاوون ومستشفي أحمد بن طولون بالقاهرة والمستشفي السلجوقي بتركيا. وكانت مزودة بالحمامات والصيدليات لتقديم الدواء والأعشاب. والمطابخ الكبيرة لتقديم الطعام الطبي الذي يصفه الأطباء للمرضي حسب مرضهم. لأن الغذاء المناسب للمرض كانوا يعتبرنه جزءا من العلاج.
ويشتمل المستشفيات تحتوى على قاعات كبيرة للمحاضرات والدرس وامتحان الأطباء الجدد وملحق بها مكتبة طبية ضخمة تشمل على المخطوطات الطبية. والمشاهد لهذه المستشفيات سيجدها أشبه بالقصورالضخمة والمتسعة، بل والمنيفة. وحول المبني الحدائق ومن بينها حديقة تزرع فيها الأعشاب الطبية.ولم يأت منتصف القرن العاشر م. حتى كان في قرطبة بالأندلس وحدها خمسون مستشفي وأكثر منها في دمشق وبغداد وحلب والقاهرة والقيروان علاوة المستشفيات المتنقلة والمستشفيات الميدانية لجرحي الحرب، والمستشفيات التخصصية كمستشفيات الحميات التي كان بها معزل طبي لعزل الأمراض المعدية.
وفيها كان يبرد الجو وتلطف الحرارة بنوافير المياه أو بالملاقف الهوائية. ومستشفيات للجراحة التي كان يشترط فيها الجو الجاف ليساعد على التئام الجروح. لكثرة حروب المسلمين فقد طوروا أساليب معالجة الجروح فابتكروا أسلوب الغيار الجاف المغلق وهو أسلوب نقله عنهم الأسبان وطبقوه لأول مرة في الحرب الأهلية الأسبانية ثم عمم في الحرب العالمية الأولى بنتائج ممتازة. وهم أول من استعمل فتيلة الجرح لمنع التقيح الداخلي وأول من استعمل خيوطا من مصارين الحيوان في الجراحة الداخلية.. ومن أهم وسائل الغيار على الجروح التي أدخلها المسلمون استعمال عسل النحل الذي ثبت حديثا أن له خصائص واسعة في تطهير الجرح ومنع نمو البكتريا فيه..هذا بالإضافة للتطورات الهائلة في مجال الطب والتي اعتمدت في معظمها على هذه المنجزات والاكتشافات الطبية العربية.
وفي خلال فترة الغزوات الإولي قد أسست القوات المسلمة الممتدة ما بين القرن السابع والقرن الثامن الميلادي وبدء العصر الذهبي للآسلام مع بداية الخلافة الأموية وقيام أكبر امبراطورية إسلامية شهدها العالم الدولة الأموية.[8] تأثرت الخلافة بالفرائض القرآنية وبأهم الأحاديث النبوية الشريفة مثل "حبر العالم مساوي لدم الشهيد" مشدداً على أهمية المعرفة.[8] خلال هذه الفترة أصبح العالم الإسلامي المركز الثقافي والفكري المنفرد في العالم للعلم والفلسفة والطب والتعليم حيث أرسخ الأمويون أسباب المعرفة ونشروا الإسلام في مناطق شتى من الشرق والغرب، وتم تأسيس الكثير دور العلم والمعرفة وجذبوا العلماء، وقد اطلق الأمويون أول عملة إسلامية هي الدينار الأموي وواسسوا أول اسطول بحري وشيدوا واشادوا معالم إسلامية خالدة في دمشق وقرطبة والقدس والمدينة وحلب وغيرها من المدن الإسلامية، وأسس الأمويون المستشفيات والمكتبات ودور العلم والعبادة والقصور، وفي العصر العباسي شيد بيت الحكمة في بغداد؛ وهو مكان سعى إليه كل من العلماء المسلمين وغير المسلمين لترجمة وجمع وخلق المعرفة من كل العالم إلى اللغة العربية..
وترجمت العديد من الكتب إلى اللغة العربية ومن ثم ترجمتها إلى اللغة التركية والفارسية والعبرية واللاتينية. خلال تلك الفترة كان العالم الإسلامي قدر من الثقافات التي جمعت وألفت وحسنت وطورت الأعمال المجمعة من الحضارات الصينية والفارسييون والمصريون وشمال أفريقيا والإغريقية والإسبانية والصقلية والبيزنطية. كانت العائلات الحاكمة الإسلامية الأخرى في تلك الفترة مثل الفاطميين في مصر والأمويين في دمشق والأندلس مراكز ثقافية وفكرية لها مزدهرة مثل دمشق وقرطبة والقاهرة. ساعدت الحرية الدينية في خلق حضارة ثقافية متقاطعة حيث أن الحضارة الإسلامية جذبت المثقفين المسلمين والمسيحيين واليهود الأمر الذي ساعد في خلق أعظم فترة فلسفية إبداعية في العصور الوسطى وذلك خلال الفترة ما بين القرن الثاني عشر والثالث عشر ميلادي
أهم الاختراعات في تلك الفترة كانت الورق والذي كان فيما سبق سراً يحافظ عليه الصينيون. تم أخذ سر صناعة الورق من أسرى حرب وقعوا أسرى في يد المسلمين بعد معركة تالاس سنة 751 ميلادي، مما أدى إلى تأسيس مصانع الورق في سمرقند. مع حلول سنة 900 م كان هناك المئات من المحلات التي اشتغلت بالكتب والنسخ وكما بدأ تأسيس المكاتب العامة. وكما تم تأسيس أول المكاتب التي تعير الكتب. ثم انتقلت صناعة الورق إلى فاس ومن ثم الأندلس في العصر الأموي ومن هناك إلى أوروبا وذلك في القرن الثالث عشر ميلادي.
يمكن ربط العديد من هذا التعلم والتطور بالجغرافيا. حتى قبل الإسلام كانت مدينة مكة مركز التجارة في شبه الجزيرة العربية والرسول محمد كان تاجراً. وأصبح تقليد الحج إلى مكة مركزاً لتبادل الأفكار والبضائع. كان الأثر الذي أحدثه التجار العرب على طرق التجارة العربية الإفريقية والتجارة العربية الآسيوية هائلاً. كنتيجة لذلك، نمت الحضارة الإسلامية وتوسعت على أساس اقتصاد تجارها، على عكس زملائهم المسيحيين والهنود والصينيين الذين بنوا مجتمعات زراعية. نقل التجار بضائعهم وإيمانهم إلى الصين والهند (تحوي شبه القارة الهندية حالياً على أكثر من 450 مليون مسلم، وجنوب آسيا (يتواجد فيها قرابة 230 مليون مسلم) والممالك المتواجدة في شمال أفريقيا وعادوا أيضاً باختراعات عظيمة. استعمل التجار أموالهم للاستثمار في القماش والزراعة.
بالإضافة إلى التجار، لعب المسلمين دوراً مهماً في نشر الإسلام، من خلال نشر رسائلهم إلى مناطق متنوعة حول العالم. شملت المناطق الأساسية: فارس وبلاد ما بين النهرين وآسيا الوسطى وشمال أفريقيا. كذلك الأمر كان للصوفيين أثراً رئيسياً في نشر الإسلام إلى مناطق مثل شرق أفريقيا والأناضول (التي تشمل تركيا) وجنوب آسيا وشرق آسيا وجنوب شرق آسيا
                                   "الإقتصاد والثورة الزراعية الإسلامية"
فيعد الاقتصاد في الدولة الإسلامية هو أقوى اقتصاد حدث في العالم منذ قديم الأزل, ففي عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز كان بيت المال قد امتلأ بالأموال فتم فتحه لمن يريد أن يأخد أي أموال ومع ذلك لم يأت أحد من الناس من كثرة الأموال لديهم, فكانوا يشترون من بيت المال طعاما للطيور ويلقون بها على الجبال حتى تأكل هذه الطيور أما من ناحية الثورة الزراعية الاسلامية فقد شهد العصر الذهبي للإسلام تحولاً رئيسياً في الزراعة وعرف هذا التحول بالثورة الزراعية الإسلامية أو الثورة الخضراء.
شهد العصر الذهبي للإسلام تحول أساسي في مجال الزراعة عرف باسم "الثورة الزراعية الإسلامية" أو "الثورة الزراعية العربية".
وقد أتاح الوضع الاقتصادي العالمي الذي أسسه التجار المسلمون في جميع أنحاء العالم القديم، نشر العديد من النباتات والتقنيات الزراعية بين أجزاء مختلفة من العالم الإسلامي، فضلا عن تكييف نباتات وتقنيات من خارج العالم الإسلامي.
تم توزيع محاصيل من أفريقيا مثل الذرة ومحاصيل من الصين مثل الحمضيات، ومحاصيل عديدة من الهند مثل المانجو والأرز وبخاصة القطن وقصب السكر، في جميع أنحاء الأراضي الإسلامية، والتي لم تكن تستطيع أن تنمو من قبل بشكل طبيعي. وقد أشار البعض إلى انتشار العديد من المحاصيل الزراعية خلال هذه الفترة بـ "عولمة المحاصيل"، والذي، جنبا إلى جنب مع زيادة الميكنة الزراعية، أدا إلى تغييرات كبيرة في الاقتصاد والتوزيع السكاني والغطاء النباتي والإنتاج والدخل الزراعي ومستويات السكان والنمو الحضري وتوزيع القوة العاملة والصناعات المترابطة والطبخ والغذاء والملبس، والعديد من الجوانب الأخرى للحياة في العالم الإسلامي.
خلال الثورة الزراعية الإسلامية، تحول إنتاج السكر إلى صناعة واسعة النطاق من قبل العرب، والذين قاموا ببناء أول معامل لتكرير السكر ومزارع لقصب السكر. العرب والبربر قاموا بتوزيع السكر في جميع أنحاء الإمبراطورية الإسلامية من أول القرن الثامن.
أدخل المسلمون زراعة المحاصيل النقدية ونظام حديث لتناوب المحاصيل، حيث كانت الأراضي المزروعة تزرع أربع مرات أو أكثر في فترة سنتين، المحاصيل الشتوية كانت تزرع وتليها المحاصيل الصيفية.
في المناطق التي كان يزرع فيها نباتات ذات موسم نمو قصير، مثل السبانخ والباذنجان، يمكن أن تتم الزراعة ثلاث مرات أو أكثر في السنة.
وفي أجزاء من اليمن، كان يتم حصاد محصول القمح مرتين في السنة على نفس الأرض، وكذلك كان الحال بالنسبة للأرز في العراق.
طور المسلمون منهجا علميا للزراعة يستند إلى ثلاثة عناصر رئيسية: أنظمة متطورة لتناوب المحاصيل، ودرجة عالية من التطور في تقنيات الري، وإدخال مجموعة كبيرة ومتنوعة من المحاصيل التي تمت دراستها وتصنيفها تبعاً للموسم ونوع الأرض وكمية المياه التي تحتاج إليها.
وتم إنتاج موسوعات عديدة في الزراعة وعلم النبات تحتوي على تفاصيل دقيقة.
                            أما عن الصناعة ومنها صناعة السفن والملاحة
فكان للمهندسين المسلمين في العالم الإسلامي بشكل عام، عدد من الاستخدامات الصناعية المبتكرة للطاقة المائية، واستخدامات صناعية مبكرة لطاقة المد والجزر وطاقة الرياح والطاقة البخارية والوقود الأحفوري مثل النفط، وأيضاً مجمعات صناعية كبيرة (تسمى "طراز" باللغة العربية).
تعود الاستخدامات الصناعية للسواقي في تاريخ العالم الإسلامي إلى القرن السابع الميلادي، بينما كانت تستخدم السواقي ذات العجلات الأفقية والرأسية بشكل واسع النطاق منذ القرن التاسع الميلادي على الأقل.
وتم توظيف مجموعة متنوعة من الطواحين الصناعية في وقت مبكر في العالم الإسلامي، بما في ذلك آلات دعك الملابس ومطاحن الحبوب وبكرات التقشير ومصانع الورق والمناشر والمطاحن العائمة ومطاحن الطوابع ومطاحن الصلب ومطاحن السكر وطواحين المد والجزر وطواحين الهواء.
بحلول القرن الحادي عشر، كانت كل مقاطعة في جميع أنحاء العالم الإسلامي قد تم تشغيل هذه المطاحن الصناعية فيها، من الأندلس وشمال أفريقيا إلى الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
أيضا اخترع المهندسون المسلمون المحركات وتوربينات المياه والتروس المستخدمة في مصانع وآلات رفع المياه، وكانوا رواداً في استخدام السدود كمصدر للطاقة المياه واستخدامها لتوفير طاقة إضافية لطواحين المياه وآلات رفع المياه.
هذا التقدم في العالم الإسلامي في العصور الوسطى، جعل من الممكن لكثير من المهام الصناعية التي كانت تتم في السابق يدوياً في العصور القديمة، أن تتم بدلاً من ذلك بشكل ميكانيكي وأن تقودها الآلات.
وكان لنقل هذه التكنولوجيات إلى أوروبا في العصور الوسطى، تأثير على الثورة الصناعية.
تولدت عدد من الصناعات نتيجة للثورة الإسلامية الزراعية، بما في ذلك الصناعات القائمة على الزراعة، والأدوات الفلكية والسيراميك والمواد الكيميائية والتكنولوجيات والتقطير والساعات والزجاج والآلات المعتمدة على طاقتي المياه والرياح والحصير والفسيفساء والورق والعطور ومنتجات البترول والأدوية وصنع الحبال والشحن وبناء السفن والحرير والسكر والمنسوجات والمياه والأسلحة والتنقيب عن المعادن مثل الكبريت والأمونيا والرصاص والحديد.
تم بناء المجمعات الصناعية الكبيرة (الطراز) لكثير من هذه الصناعات وذلك في وقت مبكر، وتم في وقت لاحق نقل المعرفة بهذه الصناعات إلى أوروبا في القرون الوسطى، وخصوصا عبر الترجمات اللاتينية التي تمت في القرن الثاني عشر، وكذلك فيما قبله وبعده.
فعلى سبيل المثال، تم تأسيس أول مصانع للزجاج في أوروبا في القرن11 على يد حرفيين مصريين في اليونان. كما شهدت الصناعات الزراعية والحرفية مستويات عالية من النمو خلال هذه الفترة أيضاً.
                                           "صناعة السفن والملاحة"
فكانت صناعة السفن في كل أنحاء العالم الإسلامي في ظلال الخلافة الإسلامية الأموية والعباسية. فقام الأمويون بتأسيس أول أسطول بحري إسلامي ولقد ظهرت صناعة السفن والأساطيل في العهد الأموي بموانيء الشام بعكا وارواد وصور وطرطوس وطربلس واللاذقية وحيفا. وفي المغرب كانت هناك طرابلس وتونس وسوسة وطنجة ووهران والرباط. وفي الأندلس اشتهرت إشبيلية ومالقة ومرسية، وفي مصر اشتهرت المقس الإسكندرية ومحافظةدمياط وعيذاب (على ساحل البحر الأحمر).وكانت المراكب النيلية تصنع بالقاهرة.وكانت ترسانات البحرية لصناعة السفن يطلق عليها دور الصناعة وكان الأمويون أول من نظم صناعة السفن في العصر الإسلامي. وكان الأسطول يتكون من عدة أنواع من السفن مختلفة الحجم ولكل نوع وظيفة. فالشونة كانت حاملات للجنود، والأسلحة الثقيلة.
'وفي علوم الملاحة وعلوم البحار كتب الجغرافيون المسلمون كتبهم. فضمنوها وصفا دقيقا لخطوط الملاحة البحرية، كماوضعوا فيها سرودا تفصيلية لكل المعارك الإسلامية البحرية، ثم وصفوا فيها البحار والتيارات إلمائية والهوائية، ومن أشهر الجغرافيين المسلمين المسعودي والمقدسي وياقوت الحموي والبكري والشريف الادريسي ومن الرحالة ابن جبير وابن بطوطة. وهناك كتب ابن ماجد في علوم البحار مثل كتاب "الفوائد في أصول علم البحر والقواعد" وأرجوزته بعنوان "حاوية الاختصار في أصول علم البحار" وهناك مخطوط باسم سليمان المهري عنوانه "المنهاج الفاخر في العلم البحري الزاخر: و"العمدة المهرية في ضبط العلوم البحرية".
ومن ناحية العمالة فقد  أعز الإسلام العامل ورعاه وكرمه، واعترف بحقوقه لأول مرة في تاريخ العمل، بعد أن كان العمل في بعض الشرائع القديمة معناه الرق والتبعية، وفي البعض الآخر معناه المذلة والهوان.
فقد قرر الإسلام للعمال حقوقهم الطبيعية – كمواطنين – من أفراد المجتمع، كما جاء بكثير من المبادئ لضمان حقوقهم – كعمال – قاصداً بذلك إقامة العدالة الاجتماعية وتوفير الحياة الكريمة لهم ولأسرهم في حياتهم وبعد مماتهم.
كما دعا الإسلام أصحاب الأعمال إلى معاملة العامل معاملة إنسانية كريمة، وإلى الشفقة عليه والبر به وعدم تكليفه ما لا يطيق من الأعمال إلى غير ذلك من الحقوق التي منحها الإسلام للعامل
لذا فان العمال في السابق أفضل بكثير من وقتنا الحاضر
                                  "التقنية والتحضر الإسلامي"
فقد تم إنتاج عدد كبير من الاختراعات من قبل المهندسين والمخترعين المسلمين في العصور الوسطى، مثل عباس بن فرناس والأخوة الثلاثة بنو موسى وتقي الدين الشامي وأبرزهم كان بديع الزمان الجزري.
من بعض الابتكارات التي يعتقد أنها نتاج العصر الذهبي للإسلام تشمل كاميرا بدائية واكتشاف البن واختراع الصابون ومعجون الأسنان والشامبو والتقطير النقي والتسييل والبلورة والتنقية والأكسدة والتبخير والترشيح والكحول المقطر وحمض اليوريك وحامض النيتريك والإنبيق والمحرك المرفقي والصمام ومضخة مكبس الشفط الترددية وصناعة الساعات الميكانيكية عن طريق المياه والأوزان والأقفال المجمعة وصناعة النسيج والمشرط ومنشار العظام والملقط والخيوط الجراحية وطواحين الهواء والتطعيم ولقاح الجدري وقلم الحبر والترميز والتحليل المتواتر والوجبة الثلاثية والزجاج الملون وزجاج الكوارتز والسجاد الفارسي والعالم السماوي.
أما عن التحضر الإسلامي فبازدياد التوسع العمراني، نمت المدن الإسلامية بشكل غير منظم، مما أدى إلى وجود شوارع ضيقة ومتعرجة ووجود فواصل في أحياء المدن بين خلفيات عرقية وانتماءات دينية مختلفة.
مثل هذه الصفات أثبت كفاءة في نقل البضائع من وإلى المراكز التجارية الكبرى مع الحفاظ على الخصوصية التي تقدرها الحياة الأسرية الإسلامية. وتقع المناطق السكنية خارج المدينة المسورة، وتتراوح بين مجتمعات سكنية غنية وأخرى عاملة شبه فقيرة.
مقالب القمامة كانت تقع على مسافة بعيدة من المدينة، وكذلك كانت المقابر، والتي كانت واضحة المعالم وكانت غالبا ما تكون سكناً للمجرمين. مكان الصلاة كان يوجد بالقرب من إحدى البوابات الرئيسية، وكانت تقام فيه الاحتفالات الدينية والاعدامات العلنية.
وبالمثل، فإن أماكن التدريب العسكري كانت توجد بالقرب من إحدى البوابات الرئيسية.
أيضاً كان يوجد بمدن المسلمين نظم مياه للأغراض المنزلية وشبكات للصرف الصحي وحمامات عامة ونوافير وانابيب مياه للشرب، وكانت تنتشر المراحيض العامة والخاصة ومرافق الاستحمام على نطاق واسع. بحلول القرن العاشر الميلادي كان بقرطبة 700 مسجد و60،000 قصر و70 مكتبة.
كما شهدت زيادة في متوسط العمر المتوقع عند الولادة في الأراضي الواقعة تحت ظل الحكم الإسلامي، وذلك بسبب الثورة الزراعية فضلا عن تحسين الرعاية الطبية.
وعلى النقيض من متوسط العمر في العصر اليوناني والروماني القديم العالم (22-28 سنة)، كان متوسط العمر في بداية الخلافة الإسلامية أكثر من 35 عاما.
ومتوسط أعمار طبقة علماء الإسلام على وجه الخصوص كان أعلى من ذلك بكثير: 84.3 عام في العراق وبلاد فارس في القرنين العاشر والحادي عشر، و72.8 عام في الشرق الأوسط في القرن الحادي عشر، و69-75عام في أسبانيا الإسلامية في القرن الحادي عشر، و75 عام في بلاد فارس في القرن الثاني عشر، و59 - 72 عاما في بلاد فارس في القرن الثالث عشر.
شهدت أيضا الإمبراطورية الإسلامية نموا في مجال محو الأمية، وكان معدل معرفة القراءة والكتابة الأعلى في العصور الوسطى، بالمقارنة بمثيله في أثينا في العصور الكلاسيكية القديمة وكان أيضاً على نطاق أوسع.
                                        "الهندسة المعمارية"
فكان المعمار الإسلامي القديم بعتمد  كثيرا علي النواحي التطبيقية لعلم الحيل وهذا يتضح في إقامة المساجد والمآذن والقباب والقناطر والسدود فلقد برع المسلمون في تشييد القباب الضخمة ونجحوا في حساباتها المعقدة التي تقوم علي طرق تحليل الإنشاءات القشرية. فهذه الإنشاءات المعقدة والمتطورة من القباب مثل قبة الصخرة في بيت المقدس وقباب مساجد الأستانة ودمشق والقاهرة وحلب والأندلس والتي تختلف اختلافا جذرياً عن القباب الرومانية وتعتمد اعتمادا كليا علي الرياضيات المعقدة. فلقد شيد البناؤن المسلمون المآذن العالية والطويلة والتي تختلف عن الأبراج الرومانية. لأن المئذنة قد يصل ارتفاعها إلى سبعين مترا فوق سطح المسجد.وأقاموا السدود الضخمة أيام العباسيين والفاطميين وفي الشام والأندلسيين فوق الأنهار كسد النهروان وسدود عديدة في سوريا. كما أقاموا سور مجري العيون بالقاهرة وقناطر وسواقي المياة في حماة التي لا مثيل لها في العالم. وكانت هناك سواقي في بعض البلاد الإسلامية تدار بالحيوانات لتروي المزارع والحقول أو السواقي التي تدور بقوة الماء ترفع المياه لعشرة أمتار ليتدفق في القناة فوق السور وتسير بطريقة الأواني المستطرقة كما هو الحال بالسواقي الضخمة (النواعير) على نهر العاصي في حماه وسط سوريا. تتميز الحضارة الإسلامية بالتوحيد والتنوع العرقي في الفنون والعلوم والعمارة طالما لاتخرج عن نطاق القواعد الإسلامية. ففي العمارة بنى أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي، على نهر دجلة عاصمته بغداد سنة (145- 149 هـجرية) على شكل دائري، وهو اتجاه جديد في بناء المدن الإسلامية، لأن مـعظم المدن الإسلامية، كانت إما مستطيلة كالفسطاط، أو مربعة كالقاهرة، أو بيضاويةكصنعاء. ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن هذه المدن نشأت بجوار مرتفعات حالت دون استدارتها. ويعتبر تخطيط المدينة المدورة (بغداد)، ظاهرة جديدة في الفن المعماري الإسلامي ولاسيما في المدن الأخرى التي شيدها العباسيون مثل مدينة سامراء وما حوته من مساجد وقصور خلافية فخمة. وظهرت مدن تاريخية في ظلال الحكم الإسلامي كالكوفة والبصرة وبغداد والقاهرة والرقة والقطائع والقيروان وفاس ومراكش والمهدية والجزائر وغيرها. كما خلفت الحضارة الإسلامية مدنا متحفية تعبر عن العمارة الإسلامية كإستانبول بمساجدها والقاهرة ودمشق بعمائرها الإسلامية وحلب وحمص وبخاري وسمرقند ودلهي وحيدر أباد وقندهار وبلخ وترمذ وغزنة وبوزجان وطليطلة وقرطبة وإشبيلية ومرسية وسراييفو وأصفهان وتبريز ونيقيا والقيروان والحمراء وغيرها من المدن الإسلامية. وكان تخطيط المدن سمة العمران في ظلال الخلافة الإسلامية التي امتدت من جتوب الصين حتي تخوم جنوب فرنسا عند جبال البرانس. وكانت المدن التاريخية متاحف عمرانية تتسم بالطابع الإسلامي. فكانت المدينة المنورة قد وضع النبي أساسها العمراني والتخطيط حيث جعل مسجده في وسط المدينة ،وألحق به بيته وجعلها قطائع حددلها إتساع شوارعها الرئيسية. وكلها تتحلق حول مسجده. وجعل سوقها في قلب مدينته. لتكون بلد جنده. وعلى نمط مدينة رسول الله في الإسلام أقيمت مدن الكوفة والفسطاط لتكون أول بلدة إسلامية بأفريقيا. وقد أقامها عمرو بن العاص كمدينة جند فجعل مسجده في قلبها وبجواره دوواين الجند ودار الإمارة. وكذلك كانت مدينة القيروان بشمال أفريقيا.وكان التخطيط العمراني له سماته الشرعية حيث تشق الشوارع بالمدينة الإسلامية تحت الريح لمنع التلوث وتقام الورش تحت خارج المدينة لمنع الإقلاق. وكان تمنح تراخيص للبناء بحيث يكون المبني من طابق أو طابقين. والأسواق كانت مسقوفة لمنع تأثير الشمس.
كان لكل سوق محتسب لمراقبة البيع والأسعار وجودة البضائع والتفتيش علي المصانع للتأكد من عدم الغش السلعي والإنتاجي.وبكل مدينة أو بلدة كانت تقام الحمامات العامة لتكون مجانا. وكان لها مواصفات وشروط متفقط متبعة.وكان يتم التفتيش علي النظافة بها واتباع الصحة العامة. حقيقة كانت الحمامات معروفة لدي الإغريق والرومان، لكنها كانت للموسرين. والعرب أدخلوا فيها التدليك كنوع من العلاج الطبيعي. واقاموا بها غرف البخار (السونا).والمسلمون أول من أدخلوا شبكات المياه في مواسير الرصاص أو الزنك إلى البيوت والحمامات والمساجد.. وقد أورد كتاب "صناعات العرب" رسما وخرائط لشبكات المياه في بعض العواصم الإسلامية. ومعروف أن الكيميائيين العرب قد اخترعوا الصابون. وصنعوا منه الملون والمعطر وانتشرت صناعته في حلب وطرابلس. وكان في كل حمام مدلك مختص. وآخر للعناية باليدين. والقدمين وبه حلاق للشعر كما كان يلحق به مطعم شعبي. وقد قدر عدد الحمامات في بغداد وحدها في القرن الثالث الهجري (955 م) حوالي عشرة آلاف حمام وفي مدن الأندلس الأموية أضعاف هذا العدد.
ويعتبر المسلمون المسجد بيتا من بيوت الله حيث يؤدي به شعائر الخمس صلوات وصلاة الجمعة التي فرضت علي المسلمين ويقام فيه تحفيظ القرآن. وبكل مسجد قبلة يتوجه كل مسلم في صلاته لشطر الكعبة بيت الله الحرام. وأول مسجد أقيم في الإسلام(مسجد قباء) مسجد الرسول بالمدينة المنورة. وكان ملحقا به بيته. وانتشرت إقامة المساجد كبيوت لله في كل أنحاء العالم ليرفع من فوق مآذنها الآذان للصلاة. وقد تنوعت في عمارتها حسب طرز العمارة في الدول التي دخلت في الإسلام. لكنها كلها موحدة في الإطار العام ولاسيما في اتجاهمحاريب القبلة بها لتكون تجاه الكعبة المشرفة. وبكل مسجد يوجد المنبر لإلقاء خطبة الجمعة من فوقه. وفي بعض المساجد توجد أماكن معزولة مخصصة للسيدات للصلاة بها. وللمسجد مئذنة واحدة أو أكثر ليرفع المؤذن من فوقها الآذان للصلاة وتنوعت طرزها. وبعض المساجد يعلو سقفها قبة متنوعة في طرزها المعمارية.
وفي المساجد نجد المحراب علامة دلالية لتعيين اتجاه القبلة (الكعبة). وهذه العلامة على هيئة مسطح أو غائر(مجوف) أو بارز.والمسلمون استعملوا المحاريب المجوفة ذات المسقط المتعامد الأضلاع. أو المسقط النصف دائري. وقداختيرت الهيئة المجوفـة للمحراب لغرضين رئيسين هما، تعيين اتجاه القبلة، وتوظيف التجويف لتضخيم صوت الإمام في الصلاة ليبلغ المصلين خلفه في الصفوف. وكانت تجاويف المحاريب تبطن وتكسى بمواد شديدة التنـوع كالجص والرخام والشرائط المزخرفة بالفسيفساء أو المرمر المزخرف.ونري المحاريب التي شيدها المماليك في مصر والشام من أبدع المحاريب الرخامية، حيث تنتهي تجويفة المحراب بطاقية على شكل نصف قبـة مكسوة بأشرطة رخامية متعددة الألوان. وأبرع الفنانون المسلمون في استخدام مختلف أنواع البلاطات الخزفية لتغشية المحاريب أما الخزافون في الشرق، فقد إساخدموا استخداموا بلاطات الخزف ذات البريق المعدني والخزف الملون باللون الأزرق الفيروزي. وقد حفلت المحاريب بالكتابات النسخية التي تضم آيات من القرآن، بجانب الزخارف النباتية المميزة بالتوريق والأرابيسك. كما استخدمت فيها المقرنصات الخزفية لتزيين طواقي المحاريب. وجرت العادة وضع المحراب في منتصف جدار القبلة بالضبط ليكون محوراً لتوزيع فتحات النوافذ على جانبيه بالتوازن.
و المئذنة(المنارة) الملحقة ببنايات المساجد لها سماتها المعمارية.و تتكون من كتلة معمارية مرتفعة كالبرج وقد تكون مربعة أو مستديرة أو بها جزء مربع وأعلاها مستدير. وبداخلها سلم حلزوني (دوار) يؤدي إلي شرفة تحيط بالمئذنة ليؤذن من عليها المؤذن وليصل صوته أبعد مدى ممكن. والمآذن المملوكية تتكون من جزء مربع ثم جزء مثمن ثم جزء مستدير بينهم الدروات ويعلوها جوسق ينتهى بخوذة يثبت بها صوارى تعلق بها ثرايات أو فوانيس. ومئذنة مدرسةالسلطان الغورى بالقاهرة، أقيم في طرفها الغربي منار مربع يشتمل على ثلاثة أدوار يعلو الدور الثالث منها أربع خوذ كل خوذة منها في دور مستقل، ومحمولة على أربعة دعائم وبكل خوذة ثلاث صوارى لتعليق القناديل أو الثريات و مآذن دمشق المتنوعة في مساجد وجوامع دمشق التاريخية بين الطراز الأموي والمملوكي والأيوبي وفي الجامع الأموي حيث ترتفع أقدم مأذنة في الإسلام.
                                       " الفنون والزخرفة الإسلامية"
فن التصوير، أي رسم الإنسان والحيوان. فبالرغم من أن بعض علماء المسلمين الأولين، اعتبروه مكروهاً، إلا أنهم لم يفتوا بتحريمه أيام خلفاء بني أمية وبني العباس. فقد ترخصوا في ذلك حيث خلفوا صورا آدمية متقنة على جدران قصورهم التي اكتشفت آثارها في بادية الشام في سوريا مثل قصر الحير الشرقي وقصر الحير الغربي وقصر ابن وردان وفي شرق الأردن وسامراء، أو في الكتب العربية الموضحة بالصور الجميلة التي رسمها المصورون المسلمون كالواسطي وغيره، في مقامات "الحريري " وكتاب "كليلة ودمنة التصوير في الفن الإسلامي وفن التصوير اقتصر أول الأمر على رسوم زخرفية لمناظر آدمية وحيوانية رسمت بالألوان على جدران بعض قصور الخلفاء والأمراء كما يري في إطلال قصور الشام وقصير عمرو وبصرى وسامراء ونيسابور وغيرها، غير أن التصوير في الفنون الإسلامية اكتشف مجاله الحقيقي في تصوير المخطوطات منذ القرن الثالث الهجري – التاسع الميلادي – ومن أقدم المخطوطات المصورة مخطوطة في علم الطب محفوظة بدار الكتب المصرية بالقاهرة وأخرى لكتاب مقامات الحريري ومحفوظة بالمكتبة الأهلية في باريس وهما مزدانتان بالرسوم والصور وتمت كتابتها وتصويرها في بغدادفي عام 619 – 1222- وكانت فارس قد تولت ريادة فن التصوير الإسلامي إبان العصر السلجوقي ونهض نهضة كبيرة في عصر المغول في أواخر القرن 7 حتى منتصف القرن8 -13 و14 الميلادي – وكان أشهر المخطوطات المصورة (جامع التواريخ) للوزير رشيد الدين في أوائل القرن السابع الهجري والشاهنامة للفردوسي التي ضمت تاريخ ملوك الفرس والأساطير الفارسية والمخطوطات المصورة في بغداد لكتاب كليلة ودمنة.وكان الأسلوب الفني في صور هذه المخطوطات المغولية متأثرا إلى حد كبير بالأسلوب الصيني سواء من حيث واقعية المناظر أو استطالة رسوم الأجسام أو اقتضاب الألوان.وأخذ فن التصوير الإيراني ينال شهرة عالمية في العصر التيموري وبخاصة في القرن التاسع الهجري – الخامس عشر الميلادي - وقد ظهرت فيه نخبة من كبار الفنانين الذين اختصوا بتصوير المخطوطات مثل خليل وأمير شاهي وبهزاد ويتميز التصوير الإيراني بصياغة المناظر في مجموعات زخرفية كاملة تبدو فيها الأشكال كعناصر تنبت من وحدة زخرفية وتتجمع حولها أو تمتد وتتفرع مع حرص المصورين على ملاحظة الطبيعة ومحاولاتهم محاكاتها والتعبير عن مظاهر الجمال والحركة فيها بسمائها ونجومها وأقمارها وبما تحتويه من جبال ووديان وأشجار وأزهار وبما فيها من رجال ونساء وأطفال وطيور وحيوان. وكانت العلاقة قوية بين الشعر والتصوير حيث كان التصوير نوعا من الموسيقى والمصور أشبه بالملحن لكتاب الشاعر. فكان يضع الشعر المكتوب في أشكال محسوسة ليطبع التفكير والخيال بنوع من الحقيقة والحركات المتنوعة. مما يجعله يعبر في ألوانه عن هذه الروح الموسيقية وتلك الحساسية الشاعرية. فكانت الألوان تمتزج في صوره امتزاجا عجيبا بين الزهاء والهدوء وتنسجم انسجام الألحان في المقطوعة الموسيقية بحيث تختلف الألوان في الصورة الواحدة وتتعدد. كما تختلف فيها درجات اللون الواحد الذي ينبثق من صفاء السماء وينعكس فيه أشعة الشمس الذهبية الصافية. فالتصوير الإيراني كان فنا تعبيريا عن الشاعرية والعاطفة من خلال تسجيل ما في الطبيعة من حقائق جذابة وما في القلوب من خيال أخاذ ونغمات دفينة..
وتعتبر الزخرفة لغة الفن الإسلامي، حيث تقوم على زخرفة المساجد والقصور والقباب بأشكال هندسية أو نباتية جميلة تبعث في النفس الراحة والهدوء والانشراح. وسمي هذا الفن الزخرفي الإسلامي في أوروبا باسم "أرابسك" بالفرنسية وبالأسبانية "أتوريك" أي التوريق. وقد اشتهر الفنان المسلم فيه بالفن السريالي التجريدي من حيث الوحدة الزخرفية النباتية كالورقة أو الزهرة، يجردها من شكلها الطبيعي حتى لا تعطى إحساسا بالذبول والفناء، ويحورها في أشكال هندسية حتى تعطي الشعور بالدوام والبقاء والخلود. ووجد الفنانون المسلمون في الحروف العربية أساسا لزخارف جميلة. فصار الخط العربي فناً رائعاً، على يد خطاطين مشهورين. فظهر الخط الكوفي الذي يستعمل في الشئون الهامة مثل كتابة المصاحف والنقش على العملة، وعلى المساجد، وشواهد القبور. ومن أبرز من اشتهر بكتابة الـخط الكوفي، مبارك المكي في القرن الثالث الهجري، وخط النسخ الذي استخدم في الرسائل والتدوين ونسخ الكتب، لهذا سمي بخط النسخ. وكان الخطاطون والنساخ يهتمون بمظهر الكتاب، ويزينونه بالزخرف الإسلامية. كما كانت تزين المصاحف وتحلى المخطوطات بالآيات القرآنية والأحاديث المناسبة التي كانت تكتب بماء الذهب.

إرسال تعليق

 
جميع الحقوق محفوظة © 2015 غرائب وعجائب حول العالم

تعريب ana