آخر الأخبار

الخميس، 11 فبراير 2016

الحضارة الفرعونية ومصر القديمة الجزء الثاني ..


قد وضحنا لكم في جزء اول عن مصر القديمة وهذا هو الجزء الثاني وسوف نبدأ بة بالعصر المتأخر نتمني منكم ان تستفيدو من مدونتا..                                      " العصر المتأخر في الحضارة الفرعونية مصر القديمة"
فمع عدم وجود خطط دائمة للغزو، ترك الآشوريون السيطرة على مصر لسلسلة من التوابع التي أصبحت تعرف باسم ملوك سايت من الأسرة السادسة والعشرين. وبحلول 653 ق.م تمكن ملك السايت إبسماتيك الأول من طرد الآشوريين بفضل المرتزقة اليونانية الذين تم تجنيدهم لتشكيل أول بحرية مصرية. ثم امتد تأثير اليونان بشكل كبير حيث أصبحت مدينة نيكراتيس وطن اليونانيين في منطقة دلتا. واستقر ملوك سايت في مقرهم الجديد في العاصمة سايس لفترة وجيزة لكونها شهدت نشاط في الاقتصاد والثقافة، ولكن في 525 ق.م، بدأ الفرس ذو النفوذ بقيادة قمبيز الثاني، غزوهم لمصر، وفي النهاية اسر الفرعون بسماتيك الثالث في معركة الفرما. ثم تولى قمبيز الثاني لقب فرعون رسميا، لكنه حكم مصر من مسقط رأسه شوشان، وترك مصر تحت حكم أحد الساتراب. وقد شهد القرن الخامس قبل الميلاد نجاح بعض الثورات ضد الفرس، ولكن مصر لم تكن قادرة على الإطاحة الدائمة بالفرس.

وبعد ضم مصر من قبل الفرس، انضمت مصر مع قبرص وفينيقيون في الساتراب السادس من الامبراطورية أخمينيونية الفارسية. انتهت الفترة الأولى من الحكم الفارسي على مصر، والمعروفة أيضاً بالأسرة السابعة والعشرين، في 402 قبل الميلاد، وفي الفترة ما بين 380-343 قبل الميلاد، حكمت الأسرة الثلاثون كأخر الأسر الملكية المحلية في مصر، والتي انتهت من مع حكم الملك ناخثورب الثاني. حدثت بعد ذلك محاولة متواضعة لاستعادة الحكم الفارسي، تعرف أحياناً باسم الأسرة الحادية والثلاثون، بدئت في 343 قبل الميلاد، وانتهت بعدها في 332قبل الميلاد بتسليم الحاكم الفارسي مازاسيس بتسليم مصر إلى الإسكندر الأكبر من دون قتال...  
                                       " تاريخ مصر أسرة البطالمة"
فعند غزو  الإسكندر الأكبر مصر، ووجد مقاومة لا تذكر من الفرس، في حين رحب به من قبل المصريون باعتباره المخلص من الحكم الفارسي. استندت الإدارة التي أنشئها البطالمة خلفاء الأسكندر، على النموذج المصري للحكم، واتخذت من مدينة الإسكندرية الجديدة عاصمة لها. وكان الغرض الأساسي لها هو عرض قوة وسيادة الحكم اليوناني، وأصبحت مقرا للتعليم والثقافة، وتركزت في مكتبة الإسكندرية الشهيرة. وأضاءت منارة الإسكندرية الطريق لكثير من السفن التجارية التي تتدفق عبر المدينة، حيث جعل البطالمة التجارة والمشاريع المدرة للدخل، مثل صناعة ورق البردى، على رأس الأولويات.ولم تحل الثقافة اليونانية محل الثقافة الوطنية المصرية، حيث أيد البطالمة التقاليد الاجتماعية والدينية المتبعة على مر الزمان في محاولة لضمان ولاء السكان. وقاموا ببناء معابد جديدة على غرار الطراز المصري لدعم المعتقدات الدينية التقليدية، وصوروا أنفسهم كالفراعنة. من جهة أخرى، اندمجت بعض التقاليد المصرية واليونانية معا، حيث ولفت الألهة المصرية مع اليونانية في إطار ديني واحد، مثل سيرابيس، وأعمال الزخرفة اليونانية التي جسدت وتأثرت بالزخارف المصرية التقليدية. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتهدئة المصريين، اعترض البطالمة تمرد محلي كان من الأسر المحلية المنافسة، وتجمع الإسكندرية ذو النفوذ الذي تشكل بعد وفاة بطليموس الرابع. بالإضافة إلى ذلك، ومع ازدياد اعتماد روما على واردات الحبوب من مصر، أولى الرومان اهتماماً كبيراً للحالة السياسية للبلاد. وأدى تواصل الثورات المصرية، والطموح السياسي لدى البعض والمعارضين السوريين الأقوياء إلى عدم استقرار الأوضاع الداخلية، مما أجبر روما على إرسال قوات لتأمين البلاد باعتبارها مقاطعة من الامبراطورية.
                                 " مصر الرومانية والهيمنة الرومانية"
فقد أصبحت مصر حين ذاك الوقت  محافظة من الإمبراطورية الرومانية في العام 30قبل الميلاد، بعد هزيمة ماركوس أنطونيوس والملكة البطلمية كليوباترا السابعة من قبل أغسطس قيصر في معركة أكتيوم. واعتمد الرومان بشكل كبير على شحنات الحبوب القادمة من مصر، وقمعت الفيالق الرومانية التمرد والمتمردين، وساعدت في تحصيل الضرائب الكبيرة، وكافحت ظاهرة قطاع الطرق والتي كانت منتشرة بكثرة في ذلك الوقت. وأصبحت الإسكندرية مركزاً متزايد الأهمية على طريق التجارة مع الشرق، في الوقت الذي زاد فيه الطلب في روما على وسائل الرفاهية والكماليات.
على الرغم من أن الرومان كانوا أكثر عداءً تجاه المصريين من اليونانيين، استمرت بعض التقاليد مثل التحنيط وعبادة الآلهة التقليدية. وازدهر فن تصوير المومياء، وصور بعض من الأباطرة الرومان أنفسهم كالفراعنة، ولكن ليس بنفس القدر في عصر البطالمة. وقد أصبحت الإدارة المحلية رومانية في الأسلوب ومغلقة  تماما أمام المصريون.
منذ منتصف القرن الأول الميلادي، انتشرت الديانة المسيحية في الإسكندرية لأنها كانت تعد عبادة أخرى يمكن أن تكون "مقبولة". غير أنه دين لا يقبل الوثنية ويسعى إلى الحصول على المهتدين من الوثنية ويهدد التقاليد الدينية الشعبية. وأدى ذلك إلى اضطهاد المتحولين إلى المسيحية، وبلغ هذا الاضطهاد ذروته في عمليات التطهير الكبيرة في عصر ديوكلتيانوس بدءا من عام 303 ميلادي، إلا أنه وفي نهاية المطاف استطاعت المسيحية أن تنتشر بعد اعتناق إمبراطور مصر لها. وفي سنة 391 ميلادي أصدر الإمبراطور المسيحي ثيودوسيوس الأول تشريعاً يحظر الطقوس الوثنية وأغلق المعابد.وبذلك أصبحت الإسكندرية مسرحاً لأعمال شغب مناهضة للوثنية وتدمير للرموز الدينية الخاصة والعامة. ونتيجة لذلك، استمرت ثقافة مصر الوثنية في الانحدار والاندثار. في حين واصل السكان الأصليين التحدث بلغتهم، اختفت ببطء القدرة على قراءة الكتابات الهيروغليفية حيث تضاءل دور كهنة وكاهنات المعابد المصرية. وتم تحويل بعض المعابد إلى كنائس، وتهجير أخرى.
                                       "الحكومة والإقتصاد"
النظام القانوني الذي حكمة الفرعون.. فقد رأس الفرعون النظام القانوني رسمياً، وكان  هو المسئول الأول عن سن القوانين وتحقيق العدالة، والحفاظ على القانون والنظام، وهو مفهوم لدى المصريين القدماء ويشار إلى بالآله ماعت. وعلى الرغم من عدم وجود أي قوانين باقية حتى الآن من مصر القديمة، أظهرت وثائق إحدى المحاكم أن القانون المصري كان قائم على وجود نظرة عامة حسية بالصواب والخطأ، حيث كان يشدد على ضرورة التوصل إلى اتفاقات وتسويات سلمية للنزاعات والصراعات. وكان مجلس الشيوخ المحلي، المعروف باسم الكينبيت في الدولة الجديدة، المسؤول عن البت في القضايا والخلافات الصغيرة التي تعرض على المحكمة. أما عن النزاعات والصراعات الأشد خطورة، مثل القتل، واختلاس أراضي الدولة، والسطو على المقابر فكانت تحال إلى ما يسمى الكينبيت الكبير الذي يترأسه الوزير أو الفرعون نفسه في بعض الحالات. وكان من المتوقع أن يمثل المدعون والمدعى عليهم بأنفسهم ويُطلب منهم قسم اليمين على قول الحقيقة. في بعض الحالات، أخذت الدولة دور كل من المدعي العام والقاضي، وكان تعذيب المتهم بالضرب للحصول على اعتراف وأسماء أي من المتآمرين أمرٌ لا بآس به. ولا يهم إذا ما كانت التهم تافهة أو خطيرة، حيث يقوم كتبة المحكمة بتوثيق الشكوى، والشهادة، والحكم الصادر في القضية للرجوع إليها في المستقبل عند الحاجة.
ينطوى العقاب في الجرائم البسيطة إما على فرض الغرامات، أو الضرب، أو التشويه في الوجه، أو النفي، وهذا يتوقف على شدة الجريمة. أما الجرائم الخطيرة مثل القتل وسرقة المقابر فكانت عقوبتها الإعدام، والتي تتم بقطع الرأس، أو الإغراق، أو وضع الجاني على عمود ليخترق جسمه. وقد تمتد العقوبة لتشمل عائلة الجاني. وابتداء من المملكة الجديدة، لعب الأوراكل (أشخاص على اتصال بالآله) دوراً رئيسياً في النظام القانوني، وإقامة العدل في القضايا المدنية والجنائية. حيث كانوا يقومون بسؤال الآلة سؤال يكون جوابه "نعم" أو "لا" بشأن صحة وحقيقة قضيةً ما. ثم يصدر الإله الحكم، يقوم به عدد من الكهنة، عن طريق اختيار واحدة أو أخرى مباشرةً، أو التحرك إلى الأمام أو الخلف، أو الإشارة إلى واحد من الأجوبة المكتوبة على قصاصة من ورق البردي أو قطعة حجر..
الإدارة والتجارة..فمن الناحية النظرية كان الفرعون على الأقل- العاهل المطلق للبلاد، ويملك السيطرة والتحكم  الكامل على الأرض ومواردها. وكان ايضا هو  الملك القائد الأعلى للجيش ورئيس للحكومة، والذي اعتمد على مسؤولين بيروقراطيين في إدارة شؤونه. الرجل الثاني في القيادة والمسئول عن الإدارة هو الوزير، الذي يعد نائب الملك وممثله، حيث نسق عمليات مسح الأراضي، والخزانة، وبناء المشاريع، والنظام القانوني والمحفوظات. وعلى الصعيد الإقليمي، كانت البلاد مقسمة إلى ما يصل إلى 42 منطقة إدارية تسمى كل منها قطاعات يحكمها رئيس القطاع، الذي كان مسؤولا أمام الوزير عن نطاق سلطته. وشكلت المعابد العمود الفقري والبنية الأساسية للاقتصاد. حيث لم يقتصر دورها على أنها دور العبادة فقط، ولكن كانت مسؤولة أيضاً عن جمع وتخزين الثروة الوطنية في نظام من مخازن الحبوب والخزانات التي يديرها المشرفين ثم يقوموا بإعادة توزيعها.
كان جزء كبير من الاقتصاد ينظم مركزيا ومحكم برقابة صارمة. على الرغم من أن المصريين القدماء لم يستخدموا العملات حتى العصر المتأخر، إلا أنهم استخدموا نوع من نظام مقايضة المال، باستخدام أكياس قياسية من الحبوب و"الديبن "،ذات وزن تقريبي 91 جراماً من النحاس والفضة. حيث تقاضى العمال أجورهم بالحبوب؛ فالعامل البسيط قد يكسب خمسة حصص ونصف (ما يقارب 200 كجم) من الحبوب شهريا، في حين أن كبير العمال قد يكسب سبعة حصص ونصف (250 كجم). كانت الأسعار ثابتة في جميع أنحاء البلاد ومسجلة في قوائم لتسهيل التجارة، على سبيل المثال كانت تكلفة القمصان خمسة ديبن من النحاس، في حين أن تكلفة البقرة 140 ديبن. كما أمكن تبادل الحبوب مع السلع الأخرى، وفقا لقائمة الأسعار الثابتة. وخلال القرن الخامس قبل الميلاد، اخترع المال وقدم إلى مصر من الخارج. في البداية استخدمت العملات كقطع موحدة من المعدن النفيس بدلا من المال الحقيقي، ولكن سرعان ما اعتمد التجار الدوليون على العملات في القرون التالية.
الحالة الإجتماعية..كان المجتمع المصري مجتمع طبقي بدرجة عالية، وكانت الفئة الاجتماعية عنصر مهم في كيان وشخصية المرء. احتل المزارعون النصيب الأكبر من السكان في ذلك الوقت، إلا أن المنتجات والأراضي الزراعية كانت مملوكة من قبل الدولة أو المعبد أو في بعض الأحيان تكون مملوكة من قبل أحد الأسر النبيلة. كما خضع المزارعون لضريبة العمل، وكانوا يعملون في مشاريع البناء أو الري بنظام سخرة|السُخرة. أما الفنانين والحرفيين، فقد كانوا بمركز أعلى وأرقى من فئة المزارعين، إلا أنهم كانوا أيضاً تحت سيطرة الدولة المباشرة، حيث كانوا يعملون في معابد الدولة، وبتلقون رواتبهم مباشرةً من خزينة الدولة. وشكل الكُتاب والمسؤولون الطبقة العليا في مصر القديمة، أو ما يسمى "طبقة التنورة البيضاء" في إشارة إلى الملابس البيضاء التي كانت بمثابة علامة على مكانتهم. وصور الأدب والفن بشكل واضح وضع الطبقة العليا من الشعب، حيث حظوا بنصيبٍ وافرٍ من الذكر والإشارة في مجالات الثقافة المختلفة. واحتل الكهنة والأطباء والمهندسين المدربين على اختصاصات معينة المرتبة ما قبل مرتبة النبلاء. وقد عرفت مصر القديمة العبودية في ذلك الوقت، لكن لا تزال المعلومات والدلائل عليها ذات نطاق ضيق.
ساوى قدماء المصريون قانونياً بين جميع الطبقات الاجتماعية، من الرجال والنساء إلا العبيد، حيث كان لأقل الفلاحين التقدم بالالتماس إلى الوزير وحاشيته طلباً للعدل. وجعل لكلٌ من الرجال والنساء الحق في امتلاك وبيع الممتلكات، وتنظيم العقود والحق في الزواج والطلاق، بالإضافة للحق في الميراث وإنشاء محاكم للفض بين المنازعات القانونية. وقد أمكن للمتزوجين التملك معاً، وبصورة مشتركة. بالإضافة إلى حماية المرأة عند الطلاق، حيث تنص عقود الزواج على الالتزامات المالية للزوج على زوجته وأولاده حتى بعد الطلاق. وبمقارنة النساء مع نظرائهم في اليونان القديمة، بل وحتى مع حضارات أكثر حداثة، كانت للمرأة المصرية في ذلك الوقت حرية اختيار، وفرص متاحة للتحقيق أكثر من أي امرأة أخرى في تلك الحقبة. فأصبحت نساء مثل حتشبسوت وكليوباترا من الفراعنة، في حين أن البعض الآخر مارس سلطة كبيرة مثل زوجات آمون المقدسة. وعلى الرغم من كل تلك الحريات، لم تشارك المرأة المصرية القديمة في الأدوار الرسمية الرئيسية، وخدمت كعنصر ثانوي في المعابد، وعموماً، لم تكن المرأة تحصل على نفس القدر من التعليم مقارنةً مع الرجال..
الموارد الطبيعية..فمصر هي منطقة غنية بأحجار البناء والديكور مثل خام النحاس والرصاص والذهب، والأحجار شبه الكريمة. أتاحت هذه الموارد الطبيعية لقدماء المصريين بناء النصب التذكارية، ونحت التماثيل، وصناعة الأدوات وأنماط المجوهرات. وفي التحنيط، استخدم المحنطون الملح من واد النطرون لصنع المومياء، والجبس لصنع الجص. وتم العثور على تكوينات صخرية تحمل معادن خام في بعض الأماكن، حيث وجدت في صحراء سيناء، والوديان البعيدة في الصحراء الشرقية، مما تطلب بعثات استكشافية كبيرة الحجم تحت سيطرة الدولة لجلب والحصول على الموارد الموجودة هناك. كما كان هناك مناجم ذهب كثيفة في النوبة، وتعد واحدة من أولى الخرائط المعروفة في العالم هي لمنجم ذهب في هذه المنطقة. كما كانت منطقة وادي الحمامات ابرز مصادر الجرانيت والأحجار الرملية والذهب. وكان حجر الصوان أول معدن جمع واستخدم في صنع الأدوات، وتعتبر الفأس اليدوية المصنوعة من الصوان هي أقرب شواهد السكن في وادي النيل. وقد قشرت العقيدات من المعادن بعناية لجعل الشفرات والنصال معتدلة الصلابة والمتانة حتى بعد استخدام النحاس لهذا الغرض.
واستخرج المصريون الرصاص من منطقة جبل الرصاص، وعمدوا على إدخال صناعته إلى التماثيل الصغيرة وأثقال شبكة الصيد. وكان النحاس هو أكثر المعادن الهامة لصنع الأدوات في مصر القديمة، وكانت تصهر في أفران من المرمر الخام المستخرج من سيناء. وجمع العمال الذهب بغسل كتل الذهب لتصفيته من الشوائب وأخذ الرواسب، أو -في بعض الأحيان- عن طريق تكرير عملية طحن كتل الذهب وغسلها لتفريقها عن الكوارتز. أما رواسب الحديد فتم العثور عليها في مصر العليا، ولم تستخدم إلا في العصر المتأخر. وكانت أحجار البناء عالية الجودة توجد بوفرة في مصر؛ حيث وجد وبحث المصريون القدماء عن الحجر الجيري على طول وادي النيل، والجرانيت من أسوان، والبازلت والحجر الرملي من أودية الصحراء الشرقية. انتشرت رواسب أحجار الزينة مثل الرخام السماقي والأحجار الرملية، والمرمر والكارملين في أنحاء الصحراء الشرقية، وجمعت حتى قبل نشأة الأسرة الأولى. وفي الفترتين البطلمية والرمانية، استخرج عمال المناجم الزمرد في منطقة وادي سيكات، وحجر الجمشت الكريم من وادي الهدي..
الزراعة والتجارة .. فقد اعتمدت الزراعة في مصر على دورة نهر النيل. عرف المصريون ثلاثة فصول في السنة؛ أخت (الفيضان)، بيريت (الزراعة)، شيمو (الحصاد). ويستمر موسم الفيضانات من يونيو وحتى سبتمبر، حيث يرسب على ضفاف النهر طبقة من الطمي الغنية بالمعادن المثالية لزراعة المحاصيل. بعد انحسار مياه الفيضان، يبدأ موسم النمو من أكتوبر وحتى فبراير. ثم يزرع ويحرث المزارعون البذور في الحقول، والتي كانت تُروى من المصارف والقنوات. وكان اعتماد المزارعين على مياه النيل بشكل أساسي لكون نصيب مصر السنوي من الأمطار قليلٌ نسبياً بالمقارنة بحجم الفيضان. وفي الفترة من مارس إلى مايو، يستخدم المزارعون المنجل لحصد محاصيلهم، ثم تدخل الحبوب في عملية لفصل القش من الحبوب، بعد ذلك تقشر الحبوب وتخمر لصنع الجعة أو تخزن لاستخدامها لاحقاً.قام المصريون القدماء بزراعة قمح ايمر والشعير، وعدد آخر من محاصيل الحبوب، والتي تستخدم لصنع مكونان الغداء الرئيسيان، الخبز وشراب الشعير. واقتلعوا نباتات الكتان قبل ازدهارها، والتي تزرع من أجل ألياف سيقانها. ثم تنقسم هذه الألياف على مدى طولها وتنسج إلى خيوط والتي تستخدم في نسج أقمشة الكتان لصنع الملابس. كما استخدام البردي النامي على ضفاف النيل لصنع الورق. أما الخضروات والفاكهة، فقد كانت تزرع في حدائق مخصصة، بالقرب من منطقة سكنية ومرتفع، وكانت لابد أن تسقى باليد. وشملت الخضراوات الكراث والثوم والبطيخ والقرع والبقول، والخس وغيرها من المحاصيل، بالإضافة إلى العنب الذي صُنع منه الخمر . اما من ناحية التجارة فقد تعامل المصريون القدماء بالتجارة مع الدول الخارجية المجاورة للحصول على السلع الغريبة النادرة التي لا توجد في مصر. وبدأت التجارة مع النوبة في عصر ما قبل الأسر، لجلب على الذهب والبخور. أقاموا أيضا نشاطاً تجارياً مع فلسطين، حيث اتضح من نمط أباريق الزيت الفلسطينية التي وجدت في قبور فراعنة الأسرة الأولى. واستمرت مستعمرة مصرية في جنوب كنعان حتى قبل الاسرة الأولى بقليل. وقام الملك نارمر بتصدير الفخار المصري المنتج في كنعان إلى مصر.
و مع بداية حكم الأسرة الثانية، تاجر المصريين جبيل وأصبحت مصدراً حيوياً لنوعية الأخشاب غير الموجودة في مصر. وبعد تولي الأسرة الخامسة الحكم، وفرت بلاد بنط للمصرين الذهب، والراتنجات المعطرة وخشب الأينوس والعاج، وبعض الحيوانات البرية مثل القردة والرباح. واعتمدت مصر في القصدير على الأناضول، حيث وردت لهم كميات كبيرة من القصدير وامدادات ضرورية من النحاس، اللذان يعتبران ضرورياً لصنع البرونز. وقد اهتم المصريون بحجر اللازورد الأزرق وقدروا قيمته، غير انه تطلب الحصول عليه جلبه من أفغانستان البعيدة. وشملت قائمة شركاء المصريين في البحر الأبيض المتوسط اليونان وكريت، اللذان قدما سلع وإمدادات كان أهمها زيت الزيتون. وفي مقابل الواردات الفاخرة والمواد الخام التي استوردتها مصر، صدرت مصر بشكل رئيسي الحبوب، والذهب، والكتان، وورق البردى، إضافة إلى السلع تامة الصنع، متضمنتاً المواد المصنوعة من الحجارة والزجاج.
كيف كانت الحياة اليومية؟ فكان معظم المصريين القدماء كانوا مزارعين مرتبطين بالأرض. وكانوا يسكنون منازل وبيوت شديدة الخصوصية، تقتصر فقط على أفراد الأسرة الواحدة، وبنيت من الطوب اللبن من أجل الإبقاء عليها باردة في حرارة النهار. وكان لكل منزل مطبخ مفتوح السقف، يتضمن غالباً حجر الرُحى لطحن الدقيق وفرن صغير لصنع الخبز. وكانت الجدران تطلى باللون الأبيض وتغطى أغلب الأوقات بستائر من الكتان. وتغطي الأرضيات بحصير من القصب، في حين يتألف الأثاث من كراسى خشبية وأسرة ترفع من الأرض ومائدة فردية.
اهتم المصريون القدماء بدرجة كبيرة بالنظافة والمظهر. وكان نهر النيل هو حوض الاستحمام الرئيسي لديهم، مستخدمين صابوناً مصنع من الدهن الحيواني والطباشير. واعتاد الرجال حلق كل أجسادهم بغرض النظافة، واستخدموا الزيوت العطرية لتغطية روائح الجسد. وكانت جميع الملابسه مصنوعه من الكتان البسيط، ويلغب عليها اللون الأبيض، وقد لجأ كلاً من رجال ونساء الطبقة الحاكمة إلى ارتداء الشعر المستعار والمجموهرات ومستحضرات التجميل كنوعاً من التجمُل. بينما لم يرتد الأطفال الملابس حتى بلوغ الثانية عشر من العمر، وهو سن البلوغ والنضوج لدى قدماء المصريين، ويتم أيضاً إجراء مراسم الختان والبدء في حلق شعر الرأس لدى الذكور في هذا السن. وكانت الأم هي المسؤولة عن رعاية الأطفال، بينما تقع مسؤولية الأب على تزويد الأسرة بالمال.
وكانت الموسيقى والرقص ترفيهاً شعبياً ومنتشر لأفراد الطبقة المتوسطة ومافوقها. وشملت الأدوات الموسيقية بدايةً المزامير والعيدان، قبل أن تتطور لاحقاً وتنتشر الأبواق وأنابيب القرع وتصبح أدوات شعبيه ومنتشره. في عصر الدولة الحديثة، استخدم المصرييون الجرس والصنج والدف والطبلة والعود في العزف، واستوردوا القيثارة من آسيا. وكانت الآلات الشبه جلجلية مثل الصُلاصل تستخدم بشكل مهم في المراسم والاحتفالات الدينية.
تمتع المصريون القدماء بمجموعة متنوعة من الأنشطة الترفيهية، بما فيها الألعاب والموسيقى. فكانت لعبة سينيت من أوائل الألعاب لدى المصريين القدماء، وظهرت بعدها لعبة أخرى تدعى ميهين، وكلاهم ألعاباً لوحية تلعب على لوح. أما ألعاب الزهر والألعاب الكروية فكانت شائعه عند الأطفال، وتم أيضاً توثيق المصارعة كلعبة كما وجد في قبر بني حسن. بينما استخدم أغنياء المجتمع المصري القديم الصيد وركوب القوارب كنوع من الترفيه.
ساعدت الحفريات والاكتشافات في القرية العمالية دير المدينة بصعيد مصر، على الحصول على معلومات دقيقة عن الوضع الاجتماعي لدى قدماء المصريين في تلك القرية والتي استمر لأكثر من 400 سنة. حيث أسهمت تلك الحفريات ودراستها عن معلومات في الجانب الاجتماعي والتنظيم والعمل وظروف المعيشه لم تكتشف في جميع الحفريات والاكتشافات الأخرى بهذا التفصيل الدقيق.. نبذة عن المطبخ المصري القديم ..حافظ المطبخ المصري القديم على استقرار نسبي لفترات طويلة على مر الزمن، حتى أنه ما زالت توجد تشابهات بين المطبخين الحديث والقديم. تألف النظام الغذائي الشعبي من الخبز وبيرة الشعير، وتكون الخضروات مثل البصل والثوم، والفاكهة مثل التمر والتين كإضافات. وينتشر النبيذ واللحم في الأعياد الدينية فقط عند العامة، بينما اعتادت الطبقة الحاكمة عليهم بشكل أكثر انتظاماً. وأكل السمك واللحم والدجاج بأكثر من طريقة، حيث جففت وطبخت وشويت على شوايات..
  وفي ختام الجزء الثاني عن مصر القديمة فنختتمة بنبذة عن فن العمارة المصرية القديمة .. فقد شملت العمارة المصرية القديمة على بعض المعالم الأكثر شهرةً في العالم، أهمها كانت أهرامات الجيزة ومعبد الكرنك في طيبة. وكانت الدولة هي المسؤول والممول لمشاريع البناء، إما للأغراض الدينية والاحتفالية أو لتعزيز وإظهار سلطة وقوة الفرعون. احترف المصريون القدماء حرفة البناء، واستطاع المعماريون ببناء بنايات حجرية ضخمه ذات تفاصيل دقيقة باستخدام أدوات بسيطة وفعالة في نفس الوقت.
لم تصمد مع ذلك المنازل الشخصية للمصريين القدماء حتى الآن سواء كانوا من الطبقة الحاكمة والنخبة أو العمال وغيرهم، حيث استعملوا مواد سريعة التلف وغير قوية مثل الطين اللبن والخشب للتخفيف من درجة الحرارة. عاش الفلاحون في منازل بسيطه، في حين أن القصور الكبيرة ذات التفاصيل المعمارية الدقيقة كانت للطبقة الحاكمة والنخبة. استطاع عدد قليل من قصور الطبقة الحاكمة في المملكة الجديدة من الصمود جزئياً، مثل تلك القصور الموجودة في مالكاتا وتل العمارنة، ووجد بها تفاصيل دقيقة وغنيه بالزينه والصور لأشخاص وطيور وبرك مياه وآلهة وتصاميم معمارية وهندسية. بينما بنيت المعابد والبنايات الهامة بغرض البقاء إلى الأبد من الحجر بدلاً من الطوب اللبن.
تتكون المعابد المصرية القديمة الباقية الأولى، مثل تلك التي في الجيزة، من قاعات مغلقة فردية مع ألواح سقف مدعمة بالأعمدة. تطورت الهندسة في عصر الدولة الحديثة، وأضاف المعماريون الصرح والساحات المفتوحة والبهو واعتمدوا هذه التصاميم حتى دخول العصر اليوناني-الروماني.] اشتهر القبور ذات تصميم المصطبة في الفترات الأولى من مصر القديمة، وهي مبنى مستطيل الشكل ذو سطح مسطح مبني من الطوب اللبن أو الحجر يغطي تحته غرفة الدفن والتي توجد تحت الأرض. هرم زوسر المدرج مثلاً، هو عبارة عن ستة مساطب حجرية فوق بعضها البعض. كانت الأهرامات هي التصاميم الشائعة لمقابر الفراعين في الدولة القديمة والوسطى، قبل أن يتخلى عنها حكام اللاحقين لصالح المقابر الصخرية الأقل ظهوراً.

إرسال تعليق

 
جميع الحقوق محفوظة © 2015 غرائب وعجائب حول العالم

تعريب ana