آخر الأخبار

السبت، 9 يناير 2016

حقائق مزهلة ومدهشة عن طيور البطريق والسر وراء عدم تجمدهم في القطب الجنوبي ..


                                   " حقائق مزهلة ومدهشة عن طيور البطريق "

يُفتن البشر بالطريقة المضحكة التي تتمايل بها طيور البطريق في مشيتها، وكذلك بنمط حياتها المذهل. ولكن إذا ما نظرنا إلى هذه الكائنات بمزيد من الإمعان سنكتشف أن لها جانبا مظلما كذلك.
تفيد السمعة الشائعة عن البطاريق بأنها لا تعيش سوى في المناطق الجليدية القريبة من القطبين؛ الشمالي والجنوبي، وأن كلا منها ينسج علاقة "حب" مع شريكه في التزاوج من الجنس الآخر تستمر مدى الحياة. كما يُشاع عن هذه الكائنات أنها توفر رعاية مُثلى لصغارها.
لكن الحقيقة تتمثل في أن غالبية أنواع طيور البطريق تعيش في المناطق المعتدلة أو المدارية، من حيث المناخ. كما أنها كثيرا ما "تخون" شريكها في عملية التزاوج، بل وتنخرط في ممارسات مثل هذه مع شريك من ذات جنسها. فضلا عن ذلك؛ فإن إناث طائر البطريق تتبادل خطف أفرخ بعضها البعض.
في عام 1911، أرسل المستكشف الإنجليزي الكابتن روبرت سكوت ثلاثة رجال من قاعدته في القطب الجنوبي في مهمة جمع ثلاث من بيض طائر البطريق الإمبراطوري. كانت المشكلة هي أن توقيت المهمة كان في ذروة صقيع الشتاء.
وفي ظل طقس تدنت درجة الحرارة فيه إلى 60 درجة مئوية تحت الصفر، تحطمت غالبية أسنان أصغر هؤلاء الرجال سناً؛ وكان يُدعى أبسلي تشيري-غيرارد، وذلك بسبب إقدامه على الثرثرة في ظل تلك البرودة القارسة.
ورغم أنه لم يكن أحد ليلوم على تشيري-غيرارد إذا ما أضمر مشاعر الحنق إزاء هذه الطيور، فإنه فُتن بها - في الحقيقة - عوضا عن ذلك.
وفيما بعد، كتب يقول إن طيور البطريق من نوع بطريق آديلي ذي الركبة العالية التي تعيش حول المعسكر الذي كان يقيم فيه تشبه رجالا مضحكين ضئيليّ الحجم "قَدِموا متأخرين عن موعد العشاء، وهم يرتدون سترات سوداء اللون ذات ذيل، تبدو من تحتها قمصان بيضاء". لكن ذلك لم يمنعه بالمناسبة من التهام تلك الطيور.
وعلى مدى القرن التالي لذلك، أصبح العالم مهووسا بالبطاريق. فالبهجة تغمرنا بفعل تمايلها منتصبة على قدميها، ولرؤيتنا أذرعها الشبيهة بالأجنحة، وللهيئة المضحكة لأفرخها التي يكسو الزغب أجسادها، بينما تدور البطاريق البالغة حولها وكأنها تتزلج.
لكن رغم ذلك، فإن لدينا تاريخا طويلا من إساءة فهم تلك الطيور. فالمستكشفون الأوائل ظنوا أن البطاريق ما هي إلا أسماك. ولكنهم سرعان ما تراجعوا عن ذلك، ليعتبروا أن هذه الكائنات تقف بوضوح في منتصف الطريق ما بين الأسماك والطيور.
وبحلول العصر الذي عاش فيه المستكشف سكوت، كانت النظرية السائدة في هذا الشأن تفيد بأن البطاريق لم تصل بعد إلى درجة التحور الكافية لجعلها قادرة على الطيران، وأنها قد تشكل الحلقة المفقودة ما بين الطيور والديناصورات.
وكان من المأمول أن يؤدي فحص بيض البطاريق ودراسته إلى كشف الحقيقة في هذا الصدد. والآن، صرنا نعلم أن أول بطريق سار متبخترا على الأرض منذ نحو 70 مليون عام كاملة.
وقد فقدت أسلاف هذه الطيور القدرة على الطيران بعد أن أصبحت ماهرة بشكل أكبر في السباحة، وصارت عظامها أثقل لمساعدتها على الغوص. والآن، بات بوسع تلك البطاريق "الطيران" تحت الماء بسرعة تصل إلى 25 ميلا في الساعة (40 كيلومترا في الساعة)، لتبلغ أعماقا تزيد على 500 متر (1640 قدما).
ويقودنا ذلك إلى الحديث عن المناطق التي تعيش فيها طيور البطريق. وهنا نحتاج لفهم بعض الأمور بوضوح.
بداية؛ لا بطاريق في مدغشقر، بخلاف ما يظهره مسلسل رسوم متحركة تليفزيوني أمريكي شهير يحمل اسم "بطاريق مدغشقر". الاستثناء الوحيد في هذا الصدد يتمثل في طائر بطريق مارق مر بهذه البقعة من العالم عن غير قصد خلال رحلة صيد عام 1956. وكما أوضحنا سابقا، لا يوجد أيضا أي طائر بطريق في القطب الشمالي. فكل البطاريق التي عاشت في العالم تقريبا، فعلت ذلك في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية.
من جهة أخرى، فرغم أن هذه الطيور مشهورة بكونها تعيش في أقصى العالم، فإن العديد منها لا توجد من الأصل في القارة القطبية الجنوبية. فقد مرت هذه الكائنات بمراحل تطورها خلال موجة حارة ضربت العالم، وعاش أقدم طائر معروف منها في نيوزيلندا، حينما كان المحيط الذي يطوق هذا البلد أشبه بحمام ساخن. كما جابت بطاريق عملاقة أنحاء بيرو قبل نحو 42 مليون عام.
وحتى عصرنا هذا، تفضل أكثر من نصف أنواع البطاريق الموجودة في العالم الحياة في المناطق المدارية أو المعتدلة، بل إن الطيور المنتمية لنوع "بطريق الغالاباغوس" تعيش على خط الاستواء. كما أنه من بين الأنواع الثمانية عشر للبطاريق في العالم، يشكل نوعا "البطريق الإمبراطور" و"بطريق آديلي"، النوعيّن الوحيديّن اللذين يتكاثران فقط في القطب الجنوبي.
ويمكن توضيح التكاثر الكبير للبطاريق القطبية هذه بالأرقام المجردة. فالطيور المنتمية لنوع "بطريق المعكرونة" والتي تعيش في أقصى جنوب الكرة الأرضية، تتكاثر في مستعمرات يصل عددها فيها إلى نحو 100 ألف بطريق.
كما توجد طيور "البطريق الإمبراطوري" بأعداد هائلة في القطب الجنوبي، إلى حد يجعل بمقدورنا إحصاءها من الفضاء. ويمكن تحديد مواضع المستعمرات التي تعيش فيها عبر البحث في صور الأقمار الصناعية عن اللطخات البنية الناجمة عما تفرزه من فضلات. وكشفت هذه الدراسات عن أن عدد البطاريق المنتمية لهذا النوع ضعف ما كان يُعتقد في السابق.
وعلى النقيض من ذلك، تواجه أنواع البطاريق التي تعيش بالقرب من البشر تهديدات من كل الأنواع؛ بدءاً بالصيد الجائر مرورا بالتسرب النفطي وصولا لخطر القطط المتوحشة، وهو ما يجعلها أميل لأن تصبح أقل من حيث العدد. ويشكل نوع "بطريق الغالاباغوس" الذي لا يزيد عدد الطيور المنتمية إليه عن 2000 طائر، مثالاً على ذلك.
فضلا عن ذلك، ثمة تصور سائد عن طيور البطريق يفيد بأنها كائنات جديرة بالحب. هنا يمكن القول إن ثمة حقائق ظهرت في السنوات الأخيرة في هذا الشأن كفيلة بجعل البطريق "بينجو"، وهو بطل لمسلسل رسوم متحركة عن البطاريق، يرتعد خوفا ورعبا.
ففي عام 2012، كشف دوغلاس راسل، وهو باحث في متحف التاريخ الطبيعي بالعاصمة البريطانية لندن، النقاب عن ورقة بحثية حملت عنوان "العادات الجنسية لبطريق آديلي".
وأعد الورقة، التي صُنفت على أنها "ليست للنشر"، جورج مَرِي لِفيك؛ أحد علماء بعثة الاستكشاف التي كان يقودها سكوت. وكان لِفيك أول من تابع وراقب موسم تكاثر البطاريق من بدايته وحتى منتهاه.
ولكن لِفيك صُدِمَ مما رآه: عصابات من طيور البطريق الذكور تنخرط في ممارسات جنسية "مثلية"، وتتحرش جنسيا بأفرخ البطاريق (صغارها)، بل و"تمارس الجنس" مع إناث بطاريق نافقة. وفي وقت إعداد هذه الورقة، اعِتُبِرَ أن مضمونها يتسم بطابع شديد الانحراف بما يحول دون السماح للعامة بالاطلاع عليه.
ورغم أن هذا الأمر كان مزعجا لرجل انجليزي من العصر الإدواردي مثل لِفيك، فإن ذلك السلوك الجنسي كان محتمل الحدوث بكل معنى الكلمة في إطار الحياة الطبيعية البيولوجية للبطاريق. فقد لاحظ الباحث أن هذه الذكور "الهمجية" كانت تفتقر على الأرجح للخبرة الخاصة بكيفية التزاوج، وكانت ترتكب أخطاء في هذا الشأن.
ولا يقتصر حدوث مثل هذه الأخطاء على ذكور البطاريق وحدها. ففي السنوات الأخيرة، وُجد أن فقمات تنتمي إلى نوع "فقمة الفراء" حاولت القيام بعملية التزاوج مع طيور بطريق، في أربع حالات متفرقة على الأقل. ويمكن أن يكون ذلك نتيجة لخطأ برئ بدوره.
غير أن النوع الثاني من بطاريق القطب الجنوبي؛ ألا وهو البطريق الإمبراطوري، يتسم بصفات أسوأ من ذلك بكثير.
ففي كثير من الأحيان، تلجأ إناث هذا النوع – عندما تفقد الأفرخ التي خرجت من البيض الخاص بها - إلى "تبني" صغار أخرى مهملة من قبل أُسَرِها. وإذا لم يكن ذلك متاحا، يتسم الأمر بطابع عنيف، إذ يندلع عراك بين حشود من الإناث، التي هي في طور احتضان البيض حتى يفقس، وذلك في صراع ضارٍ لانتزاع الأفرخ من بعضها البعض.
وتمتد فترة خطف مثل هذه الأفراخ ما بين دقائق معدودات وبضعة أيام، وغالبا ما ينتهي الأمر بنبذها لتنفق جراء البرودة القارسة. بل إن الأمر اختلط ذات مرة على إحدى أناث البطريق لتخطف فرخ عدو طبيعي لها، وهو فرخ طائر آكلٍ لأفرخ البطاريق، يُعرف باسم "كركر".
وتبدو عمليات الخطف هذه غريبة ووحشية على حد سواء، وقد أثار إقدام إناث البطريق عليها حيرة العلماء طوال عقود.
وللتعرف على سبب ذلك، يتعين علينا توضيح بعض النقاط المهمة. فطيور "البطريق الإمبراطوري" تنفرد عن سواها من الطيور في كونها تبني أعشاشها في ذروة فصل الشتاء.
وتضطر الإناث للذهاب للبحر للحصول على الغذاء، تاركةً الذكور لحضانة البيض لكي يبقى دافئا، وهو ما يثير مشكلة. فإفراز هرمون البرولاكتين، الذي يثير لدى الطيور الرغبة في الاعتناء بأفرخها، يتوقف عندما يغيب بيضها عن عينيها، وهو ما يجعلها تفقد الاهتمام بالأمر برمته.
ولكن إناث طيور "البطريق الإمبراطوري" تُبقي على معدلات عالية من هذا الهرمون خلال فترة حضانة البيض التي تمتد لشهرين، لكي تحافظ على رغبتها في الاعتناء بأفرخها. وهكذا تساءل فردريك أنغلير، الباحث بالمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي في منطقة فيلييه إن بوا، عما إذا كان وجود هذا الهرمون يشكل سببا محتملا لإقدام الإناث على خطف أفرخ غيرها من البطاريق.
وللوصول إلى نتيجة حاسمة في هذا الصدد، حَقَنَ أنغلير وزملاؤه إناث الطيور التي فقدت صغارها بـ"البروموكريبتين"، وهي مادة كيمياوية تُعرف بأنها مثبطة لإفراز هرمون البرولاكتين. وجاءت النتائج متماشية مع توقعات الباحثين، فقد كانت عمليات الخطف التي قامت بها هذه الإناث أقل في غالبية الأحيان من مثيلاتها لدى الإناث التي لم تُحقن بـ"البروموكريبتين".
وقال أوليفر شاستل، الذي شارك في إعداد هذه الدراسة، إن عمليات الخطف هذه ليست سوى "عَرَضٍ جانبي غير مقصود للاستراتيجية الخاصة جدا" التي تتبعها هذه البطاريق.
ويوضح قائلا : "إذا ما كنت (أنثى بطريق) عائدة من البحر، وليس هناك أي أفرخ منبوذة (للتبني) في الأفق، ولديك هذه النسبة العالية بحق من هرمون (البرولاكتين)، فمن المرجح أن تُقْدِم على خطف أحد هذه الأفرخ".
أخيرا، يُشاع عن طيور البطريق أنها رومانسية، وهي سمعة غير مُستحقة بدورها في واقع الأمر.
ويقال في هذا الشأن إن بوسع طيور "البطريق الإمبراطوري" إقامة علاقات مع بطاريق من الجنس الأخر مهما بَعُدت الشُقة، وأن هذه العلاقات تستمر طيلة الشتاء القطبي، وهو ما جعل هذه الكائنات رمزا لمن يتمسكون بشريك حياة واحدٍ، ويرفضون تعدد العلاقات. ولكن لدى البطاريق نفسها أفكاراً مختلفة عن ذلك، إذ تحدث بينها حالات "طلاق" بشكل منتظم. فنحو 81 في المئة من طيور "البطريق الإمبراطوري" تختار لنفسها شريك تزاوج مختلفاً في كل موسم.
كما أن "الخيانة" شائعة بين طيور البطريق. فنحو ثلث إناث "بطريق هومبولت" تُقْدِمُ على "خيانة" شريكها في التزاوج. وفي بعض الأحيان، تحدث مثل هذه "الخيانة" نتيجة عوامل – تبدو بالنسبة لنا - ذات طبيعة نفعية إلى حد صادم.
فطيور "بطريق آديلي" تبني عشها باستخدام الأحجار. ويدفع نقص هذه الأحجار العديد من الإناث من هذا النوع إلى ممارسة "الدعارة"؛ إذ تتزاوج مع الذكور مقابل الحصول على أحجار تبني بها عشها.
وتعمد بعض الإناث المُخادعة إلى الشروع في طقوس المغازلة المعقدة للحصول على الأحجار، ثم تلوذ بالفرار قبل أن يتمكن الذكور من بدء عملية التزاوج بالفعل. كما أن البطاريق من كلا الجنسين تسطو على الأحجار من أعشاش منافسيها.

                        " السر وراء عدم تجمدهم في القضب الجنوبي ""
كشف علماء عن الطريقة التي تحافظ بها طيور البطريق على درجة حرارة ريشها الكثيف في ظروف قاسية تصل فيها درجة الحرارة إلى مستويات أقل من الصفر.
وتعرف علماء يدرسون خصائص ذلك الريش القصير والسميك لطيور البطريق عن الطريقة التي تحول دون تجمد ذلك الريش عند حركتها في مياه تقل درجة حرارتها عن الصفر في منطقة القطب الجنوبي المتجمد.
وتوصل الباحثون إلى وجود مسام متناهية الصغر في أجساد تلك الطيور، بالإضافة إلى إفراز تلك الطيور لمزيد مما يعرف مادة الزيت التي يفرزها الطائر لتنظيف نفسه من خلال غدة في جسده، والتي تعمل كمادة عازلة تقيها من الماء.
ويعتقد أن هذه العوامل تمنح ريش طيور البطريق في القارة القطبية خواصا تتسم بقدرة فائقة على مقاومة الماء.
وقد توصل باحثون في الولايات المتحدة إلى ذلك الاكتشاف باستخدام المجهر الإلكتروني لدراسة الجلد الخارجي المغطى بالريش لطيور البطريق التي تعيش في ظروف قاسية في تلك الأجواء شديدة البرودة.
وتعيش طيور البطريق الموجودة في القارة القطبية الجنوبية في واحدة من أكثر البيئات قسوة، وتواجه درجة حرارة تصل إلى 40 درجة تحت الصفر، وتصل سرعة الرياح فيها إلى 40 مترا في الثانية الواحدة، والمياة التي تظل عند درجة 2.2 تحت الصفر.
لكن حتى في مثل تلك الظروف، تتمكن الطيور من منع الثلوج من أن تغطي ريشها الكثيف.
ويقول بيروز كافبور، أستاذ الهندسة الميكانيكية والفضاء بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، وهو أحد أعضاء فريق البحث: "إنها طيور من نوع مذهل، تعيش في ظروف شديدة القسوة، وهي تتمتع كذلك بقدرة كبيرة على السباحة. إنها في الحقيقة عجائب هندسية حية".
ويعرف عن طيور البطريق أنها تتمتع بخواص مقاومة للماء، وهي خواص تحول بينها وبين أن تبتل بالماء.
لكن علماء من كلية الهندسة الميكانيكية والفضاء بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، و جامعة ماساتشوستس في أمهرست، وجامعة سي ورلد، أرادوا أن يعرفوا ما الذي يجعل ريش طيور البطريق التي تعيش في القارة القطبية الجنوبية يتمتع بقدرة عالية على مقاومة التجمد.
ويضيف كافبور: "ما نتعلمه هنا هو الطريقة التي تجمع بها طيور البطريق بين الزيت والمسام متناهية الصغر التي تغطي الريش لإنتاج هذا التأثير بهذه الدرجة من الكمال."
ومن خلال تحليل ريش طيور البطريق من أنواع مختلفة، اكتشف الباحثون أن طيور البطريق من نوع "جينتو" كانت تتمتع بخواص مضادة للماء أكثر من غيرها من الأنواع الأخرى التي تعيش في أجواء أكثر دفئا، مثل تلك التي تعيش في صحراء الأرجنتين.
وتوصل الباحثون إلى أن طيور البطريق من نوع "جينتو" يحتوي ريشها على مسام تحتجز الهواء بداخلها بشكل محكم، مما يجعل سطحها مضادا للماء. وكان ذلك الريش أيضا مغطى بنوع خاص من الزيت يعرف بزيت التنظيف، والذي تفرزه غدة في مقدمة زيل تلك الطيور، وهو الزيت الذي تغطي به الطيور أجسادها، وتستخدمه أيضا في تنظيف نفسها.
وتعني هاتين الخاصيتين معا أن قطرات الماء التي تتساقط فوق ريش طيور البطريق في القارة القطبية الجنوبية تتكور مثل الدوائر، وهو ما يعطي شكلا هندسيا، وفقا للباحثين، يؤخر تكون الثلوج فوق ذلك الريش، لأن الحرارة لا يمكن أن تتدفق خارج الماء بسهولة إذا كانت قطرات المياة متصلة بسطح الريش الذي يغطي الطيور.
ويضيف كافبور: "ذلك الشكل التي تتخذه قطرة المياه فوق سطح الطيور يؤدي بالضرورة إلى تأخر عملية التجمد".
كما أن قطرات الماء تلك تتدحرج عن جسد طيور البطريق قبل أن تستغرق الوقت اللازم للتجمد.
ويقول الباحثون الذين نشروا نتائج بحثهم في قسم ديناميات السوائل بالجمعية الفيزيائية الأمريكية، في بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية.
يذكر أن طيور البطريق التي تعيش في القارة القطبية الجنوبية تطورت بشكل يتيح لها التأقلم مع تلك الظروف الجوية القاسية، فذلك الريش الخارجي القصير والمكثف الذي يغطي أجسادها يتداخل ليشكل طبقة واقية سميكة من الريش تساعدها في الحفاظ على دفئها. وتحت جلودها، هناك طبقة سميكة من الدهون تعد أيضا طبقة عازلة.
وتقضي تلك الطيور التي لا تتمكن من الطيران أوقاتا كثيرة في البحر، وتعد من الطيور الرشيقة التي تسبح بمهارة كبيرة، وبالتالي فهي تبدو أقل رشاقة فوق الأرض.
وقد أصبح بيروز كافبور، أستاذ الهندسة الميكانيكية والفضاء بجامعة كاليفورنيا، شغوفا بدراسة هذا النوع من طيور البطريق في القارة القطبية الجنوبية بعد أن شاهد تلك الطيور وهي تعيش في الطبيعة في أحد الأفلام الوثائقية.
ويقول كافبور لبي بي سي: "رأيت هذه الطيور تتحرك داخل الماء وخارجه، وتنثر المياه في كل مكان حولها. لكن لم تكن هناك قطرة مياه واحدة متجمدة تلتصق فوق أجسادها".
ويأمل كافبور وفريقه في أن يساعد اكتشافهم في التوصل إلى تصميمات أفضل لأسطح من صنع البشر تحد من تكون الثلوج فوقها.
ويضيف كافبور: "أحب أن أرى محاكاة حيوية لمثل هذه الأسطح من أجل استخدامها في تطبيقات مهمة، مثل إذابة الثلوج فوق أجسام الطائرات".
وحاليا، تنفق شركات الطيران الكثير من المال والوقت في استخدام مواد كيمائية لإذابة الثلوج فوق أسطح الطائرات، لأن تلك الثلوج يمكن أن تغير من خواص حركة الطيران، وبالتالي يمكن أيضا أن تتسبب في حوادث تحطم للطائرات.

إرسال تعليق

 
جميع الحقوق محفوظة © 2015 غرائب وعجائب حول العالم

تعريب ana